قال القاضي (¬1): وأحبُّ إلَيَّ أنّ أقول (¬2): بسم الله والله أكبر، لما رُوِيَ ذلك (¬3) عن النّبىّ - صلّى الله عليه وسلم - (¬4) أنَّه كان يقول في ذبح أضحيّته، وهو قول أكثر أهل العلّم.
وأمّا أصحاب الشّافعيّ (¬5) ومن تابعه، فيقولون: اسمُ الهَدْيِ مشتقٌ من الهَدِيَّة، فإذا أُهْدِيَ إلى مساكين الحرم فقد أجزأ من أي موضع (¬6).
واختلف العلماء فيما لا (¬7) يجوز من أسنان الضّحايا والهدايا، بعد إجماعهم أنّها تكون من الأزواج الثّمانية الّتي قال الله تعالى (¬8).
وأجمعوا أنّ الثَّنِىَّ فما فوقه يجزئ منها كلّها.
وأجمعوا أنّه لا يجوز الجَذَعُ من المَعْزِ في الضَّحايا ولا في الهدايا، لقوله - صلّى الله عليه وسلم - لأبي بُرْدَةَ: "ولن تُجْزِي عن أحدٍ بَعْدَكَ" (¬9).
واختلفوا في الجَذَعِ الضَّأْنِ، فأكثر أهل العلّم يقولون: يجزئ (¬10) الجَذَعُ من الظَّأْنِ هَدْيًا وأُضْحِيةً، وهذا قول مالك (¬11) وأبي حنيفة (¬12) والشّافعىّ (¬13) واللّيث وأحمد (¬14) وإسحاق، وكان ابنُ عمر يقول: لا يجزئ في الهدايا إِلَّا الثَّنِىّ من كلِّ شيء (¬15).
¬__________
(¬1) الكلام موصول لابن عبد البرّ في الاستذكار: 12/ 270 بتصرُّف يسير.
(¬2) في الاستذكار: "يقول".
(¬3) "ذلك" زيادة من الاستذكار.
(¬4) أخرجه: البخاريّ (5558)، ومسلم (1966) عن أنس.
(¬5) انظر البيان في مذهب الإمام الشّافعيّ للعمراني: 4/ 429.
(¬6) في الاستذكار بزيادة: "جاء".
(¬7) "لا" زيادة من الاستذكار.
(¬8) الآية 1 من سورة المائدة: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ...} وهي الإبل والبقر والغنم والضّأن.
(¬9) أخرجه مسلم (1961) عن البراء بن عازب.
(¬10) في الأصل: "يجوز" والمثبت من الاستذكار.
(¬11) انظر المدونة: 2/ 387 في رسم الهدى يدخله عيب بعد ما يقلّد (ط. صادر).
(¬12) انظر كتاب الأصل: 2/ 493، والمبسوط: 4/ 141.
(¬13) في الأمّ: 3/ 564 (ط. فوزي).
(¬14) انظر الشرح الكبير لابن قدامة: 9/ 335.
(¬15) حكى هذه الرِّواية ابن قدامة في المغني: 5/ 293 (ط. دار الفكر).