من الهَدْيِ شاةٌ". البابُ كلّه.
قال القاضي (¬1): قد أحسن مالك في احتجاجه في هذا الباب بما لا مَزِيدَ لأحدٍ فيه، وعليه جمهور العلماء، وعليه تدورُ فَتْوَى فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق فيما اسْتَيْسَرَ من الهَدْيِ، وكان ابن عمر يقول: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (¬2) بَدَنَةٌ (¬3).
الوقوف بعَرَفَة والمُزْدَلِفَة
مالك (¬4)؛ أنَّهُ بَلَغَهُ أنَّ رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - قَالَ: "عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ (¬5)، وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ، وَالْمزدَلِفةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْتَفِعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ".
الإسناد (¬6):
هذا حديث متَّصِلٌ من وجوهٍ صِحَاحٍ من حديث جابر (¬7) وابن عبَّاس (¬8).
اختلف العلماء فيمن وقف بعَرَفَة بِعُرَنَةَ (¬9)؟
فقال مالك - فيما ذكر ابن المُنْذِر عنه -: إنّه يهرقُ دمًا وحَجُّه تامٌّ.
وأمّا قوله: "والمزدلفةُ كلُّها موقفٌ وارتفعوا عن بَطْنِ مُحَسِّرٍ" فالمزدلفةُ عند العلماء ممّا يلي عَرَفة إلى وادي مُحَسِّر عن اليمين والشّمال من تلك (¬10) البطون والشّعاب (¬11) والجبال كلّها.
وأمّا وادي مُحَسِّر (¬12) فهو مِنْ دون المزدلفة، فكلّ من وقف بعرَفَة للدّعاء ارتفع
¬__________
(¬1) الكلام موصول لابن عبد البرّ.
(¬2) البقرة: 196.
(¬3) في الاستذكار بزيادة: " ... دون بدنة، وبقرة دون بقرة" والأثر أخرجه الطّبريّ في تفسيره: 3/ 354 (ط. هجر) كما سبق أنّ خرجناه.
(¬4) في الموطّأ (1151) رواية يحيى.
(¬5) في الأصل: "موقوف" وهو تصحيف.
(¬6) الباب كله مقتبس من الاستذكار: 13/ 9 - 10، 12، 15 - 16، 19.
(¬7) أخرجه مطوّلًا مسلم (1218).
(¬8) انظر التمهيد: 24/ 418.
(¬9) في الأصل: "ذلك" والمثبت من الاستذكار.
(¬10) "بعرنة" زيادة من الاستذكار يقتضيها السِّياق، وعُرَنَة حدُّ عرفات ممّا يلي مكّة، فهي غرب عرفات.
(¬11) في الأصل: " والسحاب" وهو تصحيف والمثبت من الاستذكار.
(¬12) انظر معجم ما استعجم: 4/ 1190.