هريرة (¬1)، والمِسْوَر (¬2)؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال ذلك يوم الحُدَيْبيَة.
وأجمع المسلمون على أنّ (¬3) النّساء لا يحلقن، وأنّ سُنّتهنّ التّقصير، وقد ثبت أنّ ذلك كان يوم الحُدَيْبِيَة حين أُحصِر رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - ومُنِع من النُّهوض إلى البيت.
واختلف الفقهاء هل الحِلاق نُسُك يجب على الحاجّ والمعتمر أم لا؟
فقال مالك: الحِلاق نُسُكٌ (¬4) يجب على الحاج والمعتمر، وهو أفضل من التّقصير، ويجب على كلّ من فاتَه الحجِّ أو أُحصِر بعدوٍّ أو مرض (¬5)، وهو قول جماعة الفقهاء، إِلَّا في المُحْصَر بعدُوّ هل هو من النُّسُك (¬6) أم لا؟ وقد اختلفوا في ذلك؟
فقال أبو حنيفة (¬7): المُحْصَرُ ليس عليه حِلاقٌ ولا تقصير.
وقال أبو يوسف: يُقصِّر، وإن لم يُقصِّر فلا شيء عليه (¬8).
واختلف قول الشّافعيّ، هل الحِلاقُ من النُّسُكِ أو ليس من النُّسُك على قولين:
أحدهما: الحِلاقُ من النُّسُك (¬9).
والآخر: الحِلاقُ من الإحلال؛ لأنّه ممنوع منه بالإحرام (¬10).
ومن جعل الحِلَاق نُسُكًا أوجبَ عليه دمًا.
¬__________
= المصدرين السابقين وقال: "وفيه أبو إبراهيم الأنصاري، جَهَّلَهُ أبو حاتم، وبقية رجاله رجال الصّحيح".
(¬1) أخرجه البخاريّ (1728)، ومسلم (1302).
(¬2) في الأصل: "والمشهور" وهو تصحيف، والمثبت من الاستذكار، وحديث المِسْوَر أخرجه البخاريّ مطوَّلًا (2731، 2732).
(¬3) "أنَّ" زيادة من الاستذكار.
(¬4) وهو الّذي صحّحه المؤلّف في عارضة الأحوذي: 4/ 146.
(¬5) قاله مالك بنحوه في المدونة: 1/ 327 في كتاب الحج الثّاني.
(¬6) في الأصل: "النِّساء" وهو تصحيف، والمثبت من الاستذكار.
(¬7) انظر كتاب الأصل: 2/ 462، ومختصر اختلاف العلماء: 2/ 190، ومختصر الطحاوي: 72.
(¬8) انظر قول أبي يوسف في مختصر اختلاف العلماء: 2/ 190 وذكر صاحب المختصر أنّ ابن أبي عمران حكى عن محمّد بن سماعة، عن أبي يوسف في نوادره: أنّ عليه أنّ يحلق ويقصِّر، لابدّ له من ذلك.
(¬9) يثاب على فعله، ويحصل التَّحَلُّلُ به، انظر الأم: 3/ 546 (ط. فوزي) والبيان في مذهب الإمام الشّافعيّ: 4/ 342.
(¬10) فالحلاق في هذه الحالة استباحة محظور؛ لأنّ ما كان محرّمًا بالإحرام لا يكون نُسُكًا، كالطّيب واللِّباس. انظر البيان في مذهب الشّافعيّ: 4/ 342، والحاوي الكبير: 4/ 161.