كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 4)

فقال مالك (¬1): لا يصلّي فيها الفَرْض ولا الوتر ولا ركعتا الفجر ولا الطّواف.
واختلف قوله وقول أصحابه فيمن صلّى فيها أو على ظهرها الفريضة، فالأشهر عندهم أنّه يعيد في الوقت (¬2).
وقال الشّافعيّ (¬3) وأبو حنيفة والثّوريّ: يصلّي فيها الفريضة والنّافلة.
قال الشّافعيّ (¬4): إنَّ صلّى في جوفها مستقبِلًا حائطًا من حيطأنّها فصلاتُه جائزةٌ، وإن صلّى نحو (¬5) الباب والباب مفتوح فصلاتُه باطلةٌ (¬6)؛ لأنّه لم يستقبِل شيئًا منها، ومن صلّى على ظهرها فصلاتُه باطلة؛ لأنّه لم يستقبِل شيئًا منها.
وقال أبو حنيفة: من صلّى على ظهرها لا شيء عليه (¬7).
واختلف أهل الظّاهر (¬8) فيمن صلّى في الكعبة، فقال بعضهم: صلاته جائزة؛ لأنّه قد استقبل بعضها.
وقال بعضهم: لا صلاة له؛ لأنّه قد استدبر بعضها، وقد نهى عن ذلك حين أمرنا أنّ نستقبلها، واحتجّ بقول ابن عبّاس حين أمر النَّاس أنّ يصلّوا إلى الكعبة ولم يُومروا أنّ يصلّوا فيها (¬9).
¬__________
(¬1) في المدونة: 1/ 91 في الصّلاة في المواضع الّتي تُكْرَهُ فيها الصّلاة.
(¬2) قاله مالك في المدونة: 1/ 91، وأشهب في المجموعة كما في النوادر والزيادات: 1/ 221، وذكر ابن أبي زيد القيرواني أيضًا: 1/ 198 عن أصْبَغ أنّه قال: "ومن صلّى فيها عامدًا أعادَ أبدًا". وكذلك رواه ابن عبد الحكم في مختصره عن مالك، وقال ابن حبيب: "ومن صلّى فوق الكعبة أو داخلها فريضة أعاد أبدًا، في العمد والجهل، ولا يُصلِّي فرق ظهرها نافلة، وهو كمصلِّ إلى غير قبلة" عن النوادر والزيادات: 1/ 220 - 221.
(¬3) في الأم: 2/ 223 (ط. فوزي).
(¬4) انظر الأم: 2/ 223 - 224 (ط. فوزي)، والبيان في مذهب الإمام الشّافعيّ: 2/ 137.
(¬5) في الاستذكار: "عند".
(¬6) عبارة الشّافعيّ في الأمّ: "ولو استقبل بابها، فلم يكن بين يديه شيء من بنيانها يستره لم يجزه".
(¬7) انظر المبسوط: 1/ 207، 2/ 79.
(¬8) انظر المحلى لابن حزم: 4/ 80، ورسالة في مسائل داود الظّاهري للشّطّي: 10.
(¬9) أورده صاحب مختصر اختلاف العلماء: 1/ 234، وابن تيمية في شرح العمدة: 4/ 498.

الصفحة 445