كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 4)

بالذِّمَّة وإنّما تتعلّق بالمال لا بالذِّمَّة (¬1).
وقد اضطرب قول الشّافعي في هذه المسألة، فمرَّة قال: تتعلّق بالذِّمَّة، ومرة قال: تتعلَّق بالمالِ.
والدّليل لمالك عليه: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} (¬2)، وحديث معاذ حين أَرْسَلَهُ إلى اليمن (¬3)، وقال مالكٌ إنّما تجب الزَّكاةُ في الدَّيْن يوم قبضه، فإن كان ذَهَبًا فحُكْمُه حُكْم الذَّهَب، وإن كان فِضَّة فحكمها كذلك.
المسألة الخامسة:
قال الإمام: ثمّ إنّ مالكًا - رحمه الله - عقب هذا الباب بعد ذلك (¬4): "أَلَّا يُؤْخَذُ مِنْهُ إِلَّا زكَاةٌ واحدةٌ، فإنَّه كان ضِمَارًا".
عربيّة:
اختلفَ الشَّارحونَ للموطّأ في هذه اللَّفْظَة، وهي قريبة المرام.
قال الأخفش (¬5) وأهل العربيّة: أصل الضِّمار في كلام العرب الغائب، من قولهم قد أضمرت كذا، أي غيَّبْتُه في قَلْبِي، وكلُّ ما غابَ عن أهْلِهِ فقد أَضْمَرَتْهُ البلا د، أي (¬6) غَيَّبَتْهُ.
وأمّا الفقهاء ففسروه على أقوال تَقْرُبُ:
فقال مالكٌ: الضِّمار المحبوسُ على صاحِبِه (¬7).
وقال ابنُ حبيب (¬8): "الضِّمار كلُّ ما لا يُرْجَى، مَالًا كانَ أو غيره، وكان علي
¬__________
(¬1) انظر الإشراف: 1/ 164 (ط. تونس).
(¬2) المعارج: 24.
(¬3) أخرجه الطياليسي (567)، وعبد الرزّاق (6841)، وأحمد: 5/ 230، وأبو داود (1577)، وابن ماجه (1803)، والترمذي (623)، والنسائي: 5/ 25، وابن خزيمة (2267)، وابن حبّان (4886).
(¬4) بقول عمر بن عبد العزيز في الموطّأ (686) رواية يحيى.
(¬5) في شرح غريب الموطّأ [نسخة أنقرة]، والظّاهر أنّ المؤلِّف نقل كلام الأخفش بواسطة البوني في تفسير الموطّأ: 42/ أ.
(¬6) غ: "الّتي"،
(¬7) أورده ابن حبيب في شرح غريب الموطّأ: الورقة 30 إلَّا أنَّه قال: "عن أهله" بدل: "على صاحبه".
(¬8) في شرح غريب الموطّأ: الورقة 30، ولفظه: "الضِّمار في كلام العرب الغائب الغيبة الطّويلة الّتي لا تُرْجَى مالًا كان أو غيره، وما رجي فليس بضمار".

الصفحة 45