كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 4)

وقال إسماعيل القاضي: ليس نزولُه - صلّى الله عليه وسلم - بالمُعَرَّسِ كسائر نزوله بطريق (¬1) مكَّة؛ لأنّه كان يصلِّي الفريضةَ حيث أمكنه، والمُعَرَّسُ إنّما كان يصلّي فيه النّافلة.

البَيْتوتةُ بمكَّة ليالي مِنىً (¬2)
الأحاديث (¬3):
قال القاضي: وما أحسب أنّ يصحّ في ذلك حديثٌ، وأحْسَنُ ما رُوي في ذلك حديث ابن عمر؛ أنّه قال: قد بات رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - بمنىَ وصلَّى فيها.
وكان ابنُ عبَّاس يُرَخّصُ في المبيت بمكّة ليالي مني (¬4). وذكر أبو داود (¬5) بإسناده عن ابن عمر، قال: استأذنَ العبَّاسُ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - أنّ يبيتَ بمكَّةَ ليالي منىً من أجل سقايته (¬6)، فأذِنَ له.
قال القاضي (¬7): وهو حديثٌ ثابتٌ، وفيه دليل على أنَّ المبيت بمِنىً ليالي منىً من سُنَنِ الرَّسول - صلّى الله عليه وسلم -؛ لأنّه رخَّص في ذلك لعَمِّه دون غيره من أجل السِّقاية.
واختلف الفقهاء في حُكْم من بات بمكَّة من غير أهل السِّقاية؟
فقال مالك (¬8): عليه دم.
وقال الشّافعيّ (¬9): لا رخصةَ في ترك المبيت بمنىً، إلّا لِرُعَاة الإبِل وأهل سقاية العبَّاسِ دون غير هؤلاء (¬10).
وقال أصحابُ الشّافعيّ (¬11): له (¬12) في هذه المسألة قولان:
¬__________
(¬1) في الاستذكار: "كسائر منازل طرق".
(¬2) هذا الباب مقتبس بتصرُّف من الاستذكار: 13/ 189 - 195.
(¬3) في الموطّأ (1207، 1208، 1209) رواية يحيى.
(¬4) ذكرها ابن عبد البرّ في التمهيد: 17/ 262 وعزاها إلى عبد الرزّاق.
(¬5) في سُنَنِه (1959)، والحديث أخرجه البخاريّ (1634)، ومسلم (1315).
(¬6) أي سقاية الحاجّ.
(¬7) الكلام موصول لابن عبد البرّ.
(¬8) في المدونة: 1/ 320 في القراءة وإنشاد الشِّعْر.
(¬9) في الأمّ: 3/ 61 (ط. فوزي).
(¬10) في الأصل: "وأهل السّقاية بني العبّاس وهؤلاء" والمثبت من الاستذكار، وعبارة الأم: "وأهل السقاية، سقاية العباس بن عبد المطلب دون السقايات".
(¬11) انظر الحاوي: 4/ 204، والوسيط للغزالي: 2/ 665 - 666، والبيان للعمراني: 4/ 356.
(¬12) "له" زيادة من الاستذكار.

الصفحة 455