أحمد (¬1) إسحاق والطّبريّ (¬2).
وقال أهل الظّاهر (¬3): لا يجب الجزاء إلّا على من قتل الصَّيد عمدًا، ومن قتله خطأ فلا جزاء عليه، بظاهر قوله: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا ...} الآية (¬4). ورُوِيَ عن (¬5) مجاهد وطائفة: لا تجبُ الكفَّارة إلّا في قتل الصّيد خطأ، وأمّا العمدُ فلا كفارةَ فيه (¬6).
قال القاضي (¬7): وظاهرُ قول مجاهد مخالفٌ لظاهر القرآن؛ لأنّ معناه أنّه متعمَّدٌ لقتله، ناسٍ لإحرامه.
وقوله (¬8): "متعمدًا لقتله ناسٍ لإحرامه" بعيدٌ في النَّظَر.
وأمّا أهل الظَّاهر، فقالوا: دليل (¬9) الخطّاب يقضي (¬10) أنّ حُكمَ من قتله خطأ مخالفٌ لحُكْم من قَتَلَهُ متعمِّدًا، وإلّا لم يكن لتخصيص المتعمِّد (¬11) معنى، واستشهدوا بقوله - صلّى الله عليه وسلم -: "رُفِعَ عن أُمَّتِي الخطأُ والنِّسْيَانُ" (¬12).
وأمّا ما ذهب إليه جمهور العلماء الّذين هم الحجّة، ولا يجوز عليهم تحريف
¬__________
(¬1) انظر المغني لابن قدامة: 5/ 395.
(¬2) في تفسيره: 11/ 12 (ط. شاكر).
(¬3) انظر المحلى لابن حزم: 7/ 217.
(¬4) المائدة: 95.
(¬5) "عن" زيادة من الاستذكار.
(¬6) أخرج هذه الرِّواية الطّبريّ في تفسيره: 11/ 8 (ط. شاكر)، وعبد الرزّاق (8173، 8174).
(¬7) الكلام موصول لابن عبد البرّ.
(¬8) هذا تعليق من المؤلّف على كلام ابن عبد البرّ.
(¬9) في الأصل: "بدليل" والمثبت من الاستذكار.
(¬10) "يقضي" زيادة من الاستذكار.
(¬11) في الأصل: "المعتمد" وفي الاستذكار: "التَّعمُّد" ولعلّ الصواب ما أثبتناه.
(¬12) يقول ابن حجر في تلخيص الجير: 1/ 511 (ط. قرطبة) "تكرَّرَ هذا الحديث في كتب الفقهاء والأصوليين بلفظ: "رُفعَ عن أُمَّتي ... " ولم نره بها في الأحاديث المتقدّمة عند جميع من أخرجه، نعم رواه ابن عدي في الكامل [في الضعفاء: 2/ 150 في ترجمة جعفر بن جسر بن فرقد] من طرق جعفر ... عن أبيه، عن الحسن، عن أبي بكرة رَفَعَهُ: "رفع الله عن هذه الأُمَّة ثلاثًا: الخطأ والنِّسيان والأمر يكرهون عليه" وجعفر وأبوه ضعيفان ... ولكن رواه ابن ماجه [2045] عن محمّد بن المصفّى بلفظ: " إنَّ الله وضع" قلنا: وحدث ابن ماجة عن ابن عبّاس، أخرجه أيضًا البيهقي في السنن: 7/ 356 - 357، وإسناد الحديث ضعيف لانقطاعه، فلعطاء لم يسمعه من ابن عبَّاس.