كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 4)

وأمّا ما ابتاعه للغَلَّة من الدُّور، ثم باعها بعد حَوْلٍ، ففي "المدوّنة" (¬1) من رواية ابن القاسم؛ في ذلك عن مالك روايتان:
إحداهما: يزكِّي الثَّمَن (¬2)، وهو اختيار ابن نافع.
والرِّواية الثّانية: يستأنف به حَوْلًا، وهذا اختيار ابن القاسم.
توجيه (¬3):
ووجه الرِّواية الأولى: أنّ الغَلَّةَ نوع من النَّماء والإرصاد له يُوجِبُ الزَّكاةَ كرِبْحِ التِّجارة.
ووجه الرِّواية الثّانية: أنّ هذا مالٌ لم يُرْصَد للتِّجارة، فلم تجب فيه الزَّكاة، كما لو اشتراه للقُنْيَة.
المسألة الرّابعة (¬4):
قوله: "فإنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا" وقد روى اين مُزَيْن عن عيسى عن ابن القاسم؛ أنّه لم يأخذ مالكٌ بهذا الحديث، وقوله: "لا زكاةَ فيها إذا نَقَصَتْ يسيرًا أو كثيرًا، إلّا مثل الحَبَّةِ والحبَّتَيْنِ ونحو ذلك فإِنّ فيه الزَّكاة، وكذلك الدراهم" ومعنى (¬5) قوله: لم يأخذ مالكٌ بهذا الحديث، يريد بِظَاهِرِهِ.
المسألة الخامسة (¬6):
قوله: "فَمَا نَقَصَ فبِحِسَابِ ذَلِكَ، حتَّى تبُلُغَ عَشرَةَ دَنَانِيرَ، فإن نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارِ فَدَعْهَا" يحتمل أنّ يكون هذا اجتهادٌ منه، وإنّما (¬7) رأى ما دُونَ العشرة من جملة اليسير الّذي يجري مَجرَى النَّفَقَة ومِمّا لابُدَّ منه للتبليغ (¬8) في سفره.
والّذي عليه الجمهور من الفقهاء والأيمّة؛ أنّه يُؤْخَذ ممّا يحملونه للتِّجارة قليلًا
¬__________
(¬1) في المنتقى: "الموازية"، وانظر المدونة: 1/ 218.
(¬2) جـ: "الثمن في الحين".
(¬3) هذا التوجيه مقتبسة من المنتقى: 2/ 121.
(¬4) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 2/ 121 - 122.
(¬5) "معنى" زيادة من المنتقى.
(¬6) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 2/ 122.
(¬7) في المنتقى: "وأنّه".
(¬8) في المنتقى: "للمسافر".

الصفحة 49