كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 4)

أقبحها منظرًا.
والزَّبيبتان: زبَدَانِ (¬1) في شِدْقَي المتكلِّم من شدَّةِ كلامه، وأكثر ما يعتري ذلك المتكلِّم عند الضَّجر، فيحتمل أنّ يُوصَفَ الشُّجاع بذلك لغضبه (¬2) على المُفَرِّطِ في الزَّكاة.
وسئل (¬3) مالك (¬4) عن الزَّبِيبَتَيْن فقال: أراهما شيئًا يكونُ على رَأْسِهِ كالقَرْنَيْن، واللهُ أعلمُ.
وقال ابنُ حبيب (¬5): "سمعتُ مُطرِّفًا يقول: هما زَبيبَتَانِ في حَلْقِه (¬6)، وأكثر ما تكون عند الغَضَب"، واللهُ أعلمُ.
ذكر الفوائد المنثورة المتعلقة بهذا الحديث:
وهي ثلاث فوائد:
الفائدةُ الأولى (¬7):
قوله: "مُثِّلَ لَهُ ماله شجاعًا أَقْرَع" ثبتَ ذلك عن النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - من طُرُقٍ كثيرةٍ، وهذه العُقُوبة إنّما تكون -كما قلنا- فيمن مَنَع الحقوق الواجبة.
الفائدةُ الثّانية (¬8):
ومعنى قوله: "مُثِّلَ لَهُ شُجَاعًا" حقيقة؛ لأنّ المال جسمٌ والشُّجاع جسمٌ، فيغيِّر الله الهيئات والصِّفات والجسمُ واحدٌ، ويكون المَثَل في الذَّات لا في الصِّفات،
¬__________
(¬1) غ، جـ: "زيادة" والمثبت من المنتقى.
(¬2) في المنتقى: "لتغيظه".
(¬3) هذه الفقرة والّتي بعدها مقتبسة من تفسير الموطّأ للبوني: 43/أ.
(¬4) رواه عليّ بن زياد عن مالكٌ في تفسير الموطّأ لابن سحنون، نصّ على ذلك البوني في تفسيره.
(¬5) في شرح غريب الموطّأ: الورقة 33.
(¬6) تتمة الكلام كما في شرح ابن حبيب: "بمنزلة زبيبتي العنز. وسمعت بعض أهل العلّم يقول: هما النكتتان السّوداوان فوق عينيه، وهو إوحش ما يكون من الحيات وأخبثه. وكان ابن وَهْب يقول: الزَّبْدَتَان اللّتان تكونان عند الغضب بجانبي الفم. قال عبد الملك [بن حبيب]: وهو أشبه ذلك عندي. وقد يكون في الحيّات. وقد تكون الزّبدتان أيضًا من الرِّجال عد الغضب".
(¬7) انظرها في القبس: 2/ 467.
(¬8) انظرها في القبس: 2/ 467.

الصفحة 54