ووجهه من جهة القياس: أنّ هذا حقٌّ يتعلَّقُ بمقدارٍ، فوجب أنّ يتعلَّقَ به وبالزِّيادة عليه إذ لم ينفرد بالوُجوبِ، كالقَطْعِ في السَّرِقَةِ وأَرَشِ المُوضِحَة.
ووجه القول الثّاني: أنّ العشرين من الإبِلِ نصابٌ، فوجب أنّ يتقدَّمَهُ عَفْوٌ كالخمس (¬1).
المسألة الثّالثة (¬2):
قوله: "فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ" يقتضي أنّ فيها أربع شياه؛ لأنّ ذلك عدد ما فيها من الخمس، ويقتضي أنّ الغَنَم هي الموجبة (¬3) فيها، فإن أخرج عن خَمسٍ واحدًا منها لم يجزئه، وإنّما يجزئه أنّ يخرج ما وَجَبَ عليه منها وهي شاة. قال مالك: تؤخذ (¬4) من غَنم غالبِ ذلك البلد، ضَأْنًا كان أو معزًا، ولا ينظر إلى ما في ملكه.
ورَوَى ابنُ نافع عن مالك: من أدَّى (¬5) مِنْ ضَأْنٍ أو معزٍ أَجْزَأ عنه، ولا يكلّف أنّ يأتي بما ليس عنده.
وقال عبد الملك: إنّ كان من أهل الضَّأْنِ فمنها، وإن كان من أهل المعز فمنها، وإن كان من أهل الصِّنفين* أخذهما عنده، فإن كان من أهل الضَّأْن أخذ منها، وإن كان عنده الصِّنفان* (¬6). خُيِّرَ السَّاعِي.
المسألة الرّابعة (¬7):
قوله (¬8): "فَإِنْ لَم يَجدْ فَابْن لَبُون" (¬9) يقتضي أنَّه إذا لم يكن عنده ابنة مَخَاض وكان عنده ابن لَبُون أجزَأَ عنه (¬10)، ولا يجزئ مع وجودها، هذا مذهبُ مالك الصّريح.
¬__________
(¬1) غ، جـ: "بالخمس" والمثبت من المنتقى.
(¬2) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 2/ 172.
(¬3) في المنتقى: "الواجبة".
(¬4) أي الشّاة الّتي تؤخذ في صدقة الإبل.
(¬5) "من أدّى" زيادة من المنتقى.
(¬6) ما بين النجمنين ليس من المنتقى.
(¬7) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 2/ 127.
(¬8) أي قول عمر في كتابه الوارد في الموطّأ (697) رواية يحيى.
(¬9) عبارة الموطّأ: "فإنْ لم تكن ابنةً مَخَاضٍ فابْنُ لَبُونٍ".
(¬10) وذلك لأنّ ابن لبُون ذكر وهو عدل لها؛ لأنّه أعلى منها بالسِّنِّ وأَدْنَى منها بالذّكورة، لأنّ الأُنوثة في الأنعام فضيلة من أجل الدّرّ والنّسل.