كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 4)

الفقه في إحدى عشرة مسألة:
المسألة الأولى (¬1):
قال الإمام: مسألةُ الخُلَطَاء مسألةٌ عسيرةٌ، قال النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -: "وما كانَا مِنْ خَلِيطَيْنِ فإنَّهُمَا يتراجحانِ بينهما بالسَّوِيَّةِ" (¬2)، واختلفَ العلّماءُ في الخَلِيطَيْنِ هل هما الشَّريكان أم الجاران؟ واختلف النّاسُ فيما يكونانبه خَلِيطَيْنِ في وقتِ الخُلْطَة؟ وفي كيفيَّةِ التَّراجُعِ عند اختلاف تسمية (¬3) الأعداد؟ وهذا كلُّه قد بيَّنَّاهُ في موضعه بأصْلِهِ (¬4) وفروعه، وفي قوله: "لا يُفَرَّقُ بين مجتمعٍ ولا يُجْمَعُ بين مُفتَرِقٍ" دليلٌ على ما قلناه قَبْلُ في الحوطة في الزَّكاةِ ومنع التَّطَرُّقِ إلى إسقاطها. والّذي يُعَوَّلُ عليه هاهنا من هذا الباب ثلاثة معان:
الأوّل: الخليطان أصلٌ في الشَّريعة.
الثآني: أنّهما اللّذان لا تنفصل غنمهما، فإن انفصلت في المُرَاحِ خاصّة، والرّاعي والدَّلْو والمَسْرَحِ واحدٌ، عفي عنه عند علمائنا، وفيه تفصيلٌ طويلٌ.
الثّالث: أنّهما ليسا بالشَّرِيكَيْن، إذ لو كانا شريكين لما احتيجا (¬5) إلى التَّراجع، وهذا أعسر فَصْلٍ على الشَّافعيّ.
المسألة الثّانية:
قال علماؤنا المالكية: الخُلْطَةُ صحيحةٌ (¬6).
وقال أبو حنيفة: لا تصحُّ الخُلْطَةُ أصْلًا.
ودليلنا: قولُ النّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -: "وما كانا من الخَلِيطَيْنِ فإنَّهُما يتراجعَانِ بينَهُما بالسَّوِيّةِ".
وقال أبو حنيفة: الخُلْطَةُ هاهنا إنّما هي الشَّرِكَة وإلّا فلا تصحّ الخُلْطَة.
¬__________
(¬1) انظرها في القبس: 2/ 469.
(¬2) أخرجه البخاريّ (1451).
(¬3) في القبس: "نسبة".
(¬4) في القبس: "بأصوله".
(¬5) غ، جـ: "اجتمعا" وفي القبس: "احتيج" ولعلّ الصّواب ما أثبتاه.
(¬6) انظر الإشراف: 1/ 171 (ط. تونس)، وأحكام الزَّكاة لابن الجدّ: 35/ أ.

الصفحة 67