كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

البابُ الأوَّلُ التَّرغيبُ في الجهادِ
مَالِكٌ (¬1)، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ, أَن رَسُولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَثَلُ المُجَاهِدِ في سَبِيلِ الله كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ ... " الحديث.
الإسناد:
قلنا: هذا الحديث مُسْنَدٌ صحيحٌ عن النَّبِيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، خَرَّجَهُ الأَيِمَّة (¬2).
التّرجمة (¬3):
قال علماؤنا (¬4): إنّما بوَّب مالكٌ - رحمه الله - في معنى التَّرغيبِ ليعلم النَّاس بجزيل ثوابه ليرغبوا فيه، وأكثر ما يوصف بالرَّغائب ما قَصُرَ عن رُتْبة الوجوب (¬5)، إِلَّا أنّه لم يقصد الوصف له هنا بوجوبٍ ولا غيره، وإنما قَصَدَ الحضِ على فعله.
ويحتمل أنّ يُوصفَ بأنّه من الرّغائب لمن سقط عنه فرضُه بقيامِ غيرهِ به (¬6)، وقد قال سحنون (¬7): كان في أوّل الإسلام فرضًا على جميع المسلمين، وهو الآن مرغَّبٌ فيه.
والأصلُ فيه: ما قدَّمناهُ من أنَّه فرضٌ في الجملةِ، إِلَّا أنَّه من فروض الكفاياتِ (¬8)،
¬__________
(¬1) في الموطَّأ (1283) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (905)، وابن وهب، والقعنبي كما
عند الجوهري (544)، وانظر التمهيد: 18/ 302.
(¬2) كالإمام أحمد: 2/ 465، والبخاري (2485)، ومسلم (1878).
(¬3) هذه التّرجمة مقتبسة من المنتقي: 3/ 159 مع بعض التَّصرُّف بالزيادة والنقصان.
(¬4) المقصود هو الإمام الباجي.
(¬5) تتمة الكلام كما في المنتقى: "لانّ العمل إنّما يوصف بأتم أحواله".
(¬6) تتمة الكلام كما في المنتقى "وبُعْده عن مكانه مع ظهور المجاورين للعدوِّ عليهم واستغنائهم عن عَوْنِ من بَعُدَ عنهم".
(¬7) في كتاب ابن سحنون، كلما نصّ على ذلك ابن أبي زيد في النّوادر والزِّيادات: 8.
(¬8) وهذا ما نصّ عليه ابن الجلّاب في التفريع: 1/ 357، وابن أبي زيد في الرسالة: 189، والقاضي عبد الوهّاب في المعونة: 1/ 602، والتلقين: 72، وانظر عقد الجواهر الثمينة: 1/ 463 - 466، والذخيرة: 3/ 385.

الصفحة 12