خَيبَر: يا رسول الله نقاتلهم حتّى يكونوا مثلنا؟ فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "انْفُذ على رِسْلِكَ، حتّى تَنْزِل بساحَتِهِم، ثّم ادْعُهُمْ إلى الإسلام، وأَخبِرْهُم بما يجب عليهم من حقِّ اللهِ، فَوَاللهِ لأَن يَهْدِيَ الله بك رجُلًا خيرٌ لك من حُمْرِ النَّعَمِ" (¬1) فظاهِرُهُ يقتضي أنّه يدعوهم فيهتدون.
الفائدةُ الخامسة (¬2):
قوله: "فَخَرَجَت بِمَسَاحِيهِمْ وَمَكَاتِلِهِمْ" يريدون العمل في بساتينهم وحرثهم، فلمّا رأوه قالوا: محمّد والخميس (¬3)، فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "الله أكبر" إعظامًا لله تعالى وإظهارًا لِعُلُوِّ دينه. ثمّ قال: "خَربَت خَيَبَر" وذلك لِمَا رأى من أمرهم وآلة الحرب بأيديهم، فكأنّه نوع من التعالي والزّجر.
الفائدةُ السّادسة (¬4):
قوله: "إنَّا إذا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ" يريد أنَّه قد تقدّم إليهم بالإنذار. فلمّا عَتَوا وعاندوا نزلَ بساحتهم نزولَ الانتقام منهم والإذلال لهم.
وقيل (¬5): إنّما قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - "اللهُ أَكبَرُ" حين أنجز الله له ما وعده من النّصر لهم، والله أعلم.
حديث مالك (¬6)، عن ابن شهابٍ، عن حُميدِ بن عبد الرّحمن بن عوفٍ، عن أبي
¬__________
(¬1) أخرجه البخاريّ (2942)، ومسلم (2406) من حديث سهل بن سعد.
(¬2) هذه الفائدةُ إلى قوله: "لعلّوِّ دينه" اقتبسها المؤلِّف من المنتقى: 3/ 218.
(¬3) يقول البونى فى تفسير الموطَّأ: 70/ ب، يريد الجيشَ يقولون ذلك وهم هاربون إلى الحصين ينذر بعضهم بعضًا"
(¬4) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: 3/ 218.
(¬5) لعلّ هذا القول هو الفائدةُ السّابعة.
(¬6) فى الموطَّأ (1346) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (910)، وابن القاسم (31)، وعبد الله بن وهب عند الجوهري (156)، ومعن بن عيسى عند البخاريّ (1897)، وعبد الله بن المبارك في الزهد (1327).