شيء عليه بها (¬1).
وإذا قلنا في المسألة الأولى أنّه يُحْكَم عليه بالْعِدَةِ إذا كان ذلك لأمر أدخله فيه، مثل أنّ يقول له: انكح وأنا أسلفك كذلك ما تصدقها، فإن رجع عن ذلك الوعد قبل أنّ ينكح، فهل يُحْكَم عليه بذلك أم لا؟ فقال أَصْبَغ في "العُتبِيَّة" (¬2): يلزمه ذلك ويُحْكم به عليه إذ ألزمه ذلك بالوعد.
تكملة:
وقولُه في هذا الباب (¬3): "فَحَفَنَ لَهُ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ" امتثالًا لصفة وَعْدِ النّبي - صلّى الله عليه وسلم -، وقد رُوِيَ (¬4) أنّه كان في حفنته خمس مئة دينار (¬5)، والله أعلم.
قال علماؤنا (¬6): وإنفاذُ أبي بكر وصيَّةَ رسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم - فضيلةٌ معدودةٌ في مناقِبِهِ وفضائِلِهِ؛ لأنّه كان أكرم الأُمَّة بعدَ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم -، سخيًّا بنفسه وماله، وكان أعلمُهم وأشجَعُهم وأكرمُهم، أمّا كَرَمُهُ فمعروفٌ، وأمّا شجاعتُه فظهرت حين مات النَّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -، فقال النَّاس: لم يمت رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - منهم عُمَرُ، وخَرِسَ عثمانُ، واستخفَى عليٌّ، واضطربَ الأمرُ، فجاء أبو بكرٍ - وكان غائبًا (¬7) - فكشفَ الثَّوْبَ عن وجهِهِ الكريم، ثمّ قال: بأبي أَنْتَ وأُمِّي طِبتَ حَيًّا ومَيِّتًا، ثمَّ خطبَ النَّاسَ فقال: مَنْ كَانَ يَعبُدُ مُحَمَّدًا
¬__________
(¬1) قاله في العتبية: 15/ 345، وانظر الذّخيرة: 6/ 297 - 300.
(¬2) 15/ 343.
(¬3) من حديث الموطَّأ السابق في ذِكْرُهُ.
(¬4) في البخاريّ (2296)، ومسلم (2314) من حديث جابر.
(¬5) اتتبس المؤلِّف - رحمة الله عليه - الشرح السابق من المنتقى: 3/ 227 - 228.
(¬6) انظر القبس: 2/ 611.
(¬7) في منزله بالسُّنْحِ.