كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

وقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} الآية (¬1).
معناه: فصلَّ لربَّك، وانحر كذلك، فتكون الآية على هذا عامة في الضّحايا والهدايا.
وقيل: يعني صلاة الصُّبْح عند المشعر الحرام، ثمّ النَّحر بَعْدَها بمِنًى.
وقيل: يعني صلاة العيد ثمّ النَّحر بعدها، وأن الآية نزلت بالمدينة وأمّا الحجِّ فلا صلاة عيد فيه.
وقيل: يعني به وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في الصّلاة عند النَّحر وهو الصّدر (¬2).
وقيل: يعني به استقبال القِبْلَةِ.
هذا ذكرُ الآي، وأمّا الأثر والنظر، فقوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} (¬3) يعني: ذكر الثّواب، وقولُ الله يُوجِبُ الفضيلةَ، وعلى هذا تكونُ الأضحية (¬4) سُنَّةَ من سنن الإسلام وشرعًا من شرائعه، قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ بِالنَّحْرِ وَهُوَ لَكُمْ سُنَّة" (¬5)، وقال - صلّى الله عليه وسلم -: "مَا مِنْ نفَقةٍ بَعْدَ صِلَةِ الرحِمِ أَعظَم أَجرًا عِنْدَ الله من إرَاقَةِ الدَّمَاء" (¬6). وفي الحديث الحسن (¬7) أنّه قال - صلّى الله عليه وسلم -: "مَا عَمِلَ آدَمي يَوْمَ النَّحْرِ مِنْ عَمَلِ أحَبَّ إلى اللهِ مِنْ إِرَاقَةِ الدِّمَاءِ، أوْ من إِرَاقةِ دَمٍ، وإنها لَتَأتِي يَومَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا
¬__________
(¬1) الكوثر: 2، وشرح الآية اقتبسه المؤلِّف من المقدِّمات الممهدات: 1/ 434، وانظر أحكام القرآن للمؤلِّف: 4/ 1986.
(¬2) قد وردت في مثل هذا روايات كثيرة انظرها في تفسير الطّبريّ: 30/ 325 - 326.
(¬3) الحجِّ: 36، وقوله: يعني الثواب، مقتبس من المقدِّمات الممهدات: 1/ 235.
(¬4) من هنا إلى آخر الفقرة مقتبس من المقدِّمات الممهدات: 1/ 434 - 435.
(¬5) أخرجه الدارقطني: 4/ 282 من حديث ابن عبّاس بلفظ: " ... وليس بواجب" بدل: "وهو لكم سُنَّة".
(¬6) أخرجه البزاز في غرائب حديث مالك (30) ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد: 3/ 59 من حديث ابن عبّاس، بلفظ: "ما من نفقةٍ بعد صِلَةِ الرَّحم أعظم عند الله من هرَاقة دَمٍ" قال الخطيب: "غريب لم أكتبه من حديث مالك، إِلَّا بهذا الإسناد".
(¬7) الحكم على الحديث من زيادات المؤلِّف على نصِّ المقدِّمات.

الصفحة 146