وقال محمّد بن الموّاز: هي سُنَّةٌ واجبةٌ (¬1).
وقال ابن القاسم بالوجوب، ومال ابن حبيب إليه.
وقد سُئِلَ عبد الله بن عمر عن الأُضحيَّة أواجبةٌ هي أم لا؟ فقال: "ضَحَّى رسولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - وَضَحَّى المسلمون بعدَه" (¬2)، ولم يُجب فيها بشيء، لا بِنَفْىٍ ولا بإثبات.
تفصيل (¬3):
أمّا من نَزَعَ إلى الوجوبِ فإنّه استدلّ بما رواه ابن سُلَيْم (¬4): أنّ النّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "عَلَى أَهْلِ كُل بَيتٍ أُضْحِيَّةٌ وَعَتِيرَةٌ في كلِّ عَامٍ"، والعتيرةُ هي المذبوحةُ في رجب (¬5).
وتعلَّقَ من نَفَى الوجوبَ بحديث يرويه شُعْبَةُ بن الحَجَّاج، عن مالك بن أنسٍ، وخرّجه مسلم (¬6)، وهو قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ وَأَرَادَ أنّ يُضَحِّيَ، فَلَا يَحْلِقَنَّ شَعْرًا وَلَا يَقْلِمَنَّ ظُفُرًا، حَتَّى ينْحَرَ أُضْحِيتَهُ" فعلَّقَ الأُضحية بالإرادة والاختيار،
¬__________
(¬1) قاله ابن أبي زيد في الرسالة: 183، ونقله عن الموازية ابن أبي زيد في النوادر: 4/ 310، وابن شاس في عقد الجواهر: 1/ 559 ووجهَهُ بقوله: "وقوله ... هي سُنّة واجبة، لفظ محتمل ... والمعني بذكر الوجوب مع لفعل السّنّة التأكيد".
(¬2) أخرجه ابن ماجه (3124) عن محمّد بن سيرين وبنحوه التّرمذيّ (1506) وقال: "هذا حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم".
(¬3) لعلّ هذا التفصيل هو المسألة الثّالثة، وانظرها في القبس: 2/ 377 (ط. الأزهري).
(¬4) أخرجه أحمد: 4/ 215، وأبو داود (2781)، وابن ماجه (3125)، والترمذي (1518) وقال: " هذا حديث حسن غريب ولا نعرف هذا الحديث إِلَّا من هذا الوجه من حديث ابن عَوْن" وأخرجه أيضًا النسائي: 7/ 167، والبيهقي: 9/ 313.
قال عبد الحق في الأحكام الوسطى: 7/ 94 "إسناده ضعيف" وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام: 3/ 577 معلقًا على عبد الحق: "وصدق، ولكن لم يبين علته، وهي الجهل بحال عامر".
(¬5) وقد أجاب أبو بكر بن الجهم على من استدلّوا بهذا الحديث بقوله: أراد الاستحباب، بدليل خبرنا وبدليل قرينته وهي العتيرة، فإنها ذبيحة في رجب لا تجب بالاتّفاق، وبدليل قوله: "علَى أَهْلِ كُلِّ بَيتٍ" وعندهم تجب على كلِّ شخصٍ. مسائل الخلاف: لوحة268.
(¬6) الحديث (1977) بنحوه.