والوجوبُ لا يتعلَّق بها, لأنّها تثبتُ قَسْرًا في الذِّمَّة والأصل في ذلك براءة الذِّمَّة وفراغ السّاحة، وقد تعارضت أدلَّةُ الوجوب، ولم يبق إِلَّا فعل النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وهو محمولٌ على الاستحباب، ولذلك تفطّن مالك فقال (¬1): "بَابُ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الضَّحَايَا" ولا استحباب فوق ما فعله النّبيُّ - صلّى الله عليه وسلم -، ولا اختيار فوق اختيارِهِ، وقد اختار الأَقْرَن الفحيل، الأسود الأطراف، السّمين، وذلك أصحّ من رواية أبي دَاود (¬2) والنّسائي (¬3) في المُوجيَّينِ (¬4)؛ فإن الوجاء نقصٌ، وقد اختلف العلماء فيه، فَمِن أغربِ ما رُوِيَ عن مالك أنّ الخَصِىَّ أفضل من الفحيل.
قال علماؤنا: لأنّه أسمنُ.
قلنا: ولكنه ليس بأكملَ.
وقال مالكٌ في "المبسوط": الذَّكَرُ والأُنثى سواءٌ (¬5) يعني في الإجزاء، فأما في الأفضل فالذَّكَرُ أفضلُ.
المسألة الرّابعة:
قال علماؤنا: المقصودُ في الأفضل السّلامة من العُيوب.
¬__________
(¬1) في الموطَّأ: 1/ 627 رواية يحيى.
(¬2) في سننه (2788).
(¬3) لم نجده عند النسائي لا في الكبرى ولا في المجتبى، والحديث أخرجه أبو يعلى في مسنده (1792) من طريق حماد، عن ابن عقيل، عن عبد الرّحمن بن جابر، عن جابر، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: 4/ 22 "وإسناده حسن" وانظر نصب الراية: 3/ 152.
(¬4) يقول المؤلِّف في العارضة: 6/ 291: "يعني: قد رضّت الانثيان منهما، وذلك أسمن لهما".
(¬5) أورده المؤلِّف في العارضة: 6/ 293، وعقب عليه بقوله: "والأصل أصحّ، وذلك لأنّه فعل النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وتمام الخِلْقة وكمال الذّكورية".