كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

وأمّا الهدايا، فالإبلُ أفضل لكثرة لحمها، ثمّ البقر، ثمّ الضَّأْن.
وذهب الشّافعيُّ (¬1) إلى أنّ الأبلَ أفضل من الغنم، واحتجَّ على ذلك بقول رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "مَنِ اغْتَسل وَرَاحَ في السَّاعَةِ الأُولَى فَكَأنَّمَا قرَّبَ بَدَنَةً ... " الحديث (¬2) والضَّحايا قربانٌ.
قال القاضي (¬3): وهذا لا حجَّةَ فيه؛ لأنّه إنّما أراد الهدايا، وقد رُوي ذلك في غير حديث "الموطَّأ": "مَنْ رَاحَ في السَّاعةِ الأُولَى فَكأَنَّما أَهْدَى بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ في السَّاعةِ الثَّانيَةِ فَكأَنَّمَا أهدَى بَقرَةً ... " الحديث (¬4).
المسألة السّادسة (¬5):
فذهب مالك وأصحابه أنّ الضَّأْنَ في الضحايا أفضل من البقر، ومذهب ابن شعبان أنّ الإبل أفضل من البقر، وحَكى ابنُ الجلّاب (¬6) وعبدُ الوهّاب في معونته (¬7) أنّ البقر أفضل.
وقال الشّافعيّ (¬8) وأبو حنيفة (¬9): الإبلُ أفضل، ثمّ البقر، ثمّ الغنم.
ودليلنا: ما رُويَ عن النبي - صلّى الله عليه وسلم -؛ أنّه ضحَّى بكَبْشَينِ أقْرَنَين أمْلَحَيْن (¬10)، ومثلُ
¬__________
(¬1) في الأم: 2/ 246.
(¬2) أخرجه مالك في الموطَّأ (266) رواية يحيى.
(¬3) الكلام موصولٌ للقاضي ابن رشد.
(¬4) أخرجه النّسائي: 3/ 97 - 98 عن أبي هريرة بلفظ: "كالمُهْدِي بدنة ... ".
(¬5) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 88.
(¬6) في التفريع: 1/ 390، وعبارته هي كالتالي: "وأفضلها الغنم، ثمّ البقر، ثمّ الإبل".
(¬7) 1/ 658.
(¬8) انظر الحاوي الكبير: 15/ 77.
(¬9) انظر مختصر الطحاوي: 301.
(¬10) أخرجه البخاريّ (5554)، ومسلم (1966) من حديث أنس بن مالك.

الصفحة 175