وقيل: "القَانِعُ" الّذي يقنع بالقليل، و"المُعْتَرّ" الّذي يمرُّ بِكَ ولا يأتيك (¬1).
وقيل: "القَانِعُ" هو المتعفِّف، و"الْمُعْتَرّ" السّائل (¬2).
قال القاضي: ومن (¬3) النّادر كونهما في العربيّة بمعنىً واحدٍ، قال الحَارِث بن هِشَام:
وَشَيبَةُ فِيهِمْ وَالوَلِيدُ وفِيهمُ ... أُمَيَّةُ مَأْوَى المُعَتَرين وذو الرَّحْلِ (¬4)
يريدُ بالمعترين من يقيم للزّيارة، وذو الرَّحْلِ (7) من يمرّ بك فَتُضيِّفُه.
قال القاضي: والذي عندي فيهما أنّهما متقاربان كمعنى الفقير والمسكين، وحقيقة ذلك: أنّ الله تعالى أمر بالأكل وإطعام الفقير، والفقير على قسمين: ملازِمٌ لك، ومارٌّ بك، فَأَذِنَ اللهُ تعالى في إطعام الكلِّ منهما مع اختلاف حاليهما، ومن هاهنا وهم بعض النَّاس فقال: إنَّ القانع هو جارك الغنيّ، وليس لذلك وجه، والله أعلم.
¬__________
(¬1) قاله القرطبي نصْ علىْ ذلكْ المؤلِّف في الأحكام: 3/ 1293، وانظر كتاب الألفاظ لابن السكيت: 15 - 16 , 418.
(¬2) أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس، كما نصّ على ذلك السّيوطيّ في الدر المنثور: 10/ 507 (ط. هجر) والإتقان: 2/ 30.
(¬3) الكلام التالي أورده المؤلِّف في الأحكام: 3/ 1293، ونرى من المستحسن إثبات العبارة السّابقة عليه حتّى تتضح الفكرة، يقول رحمه الله: "وأمّا المعترّ والمعتري فهما متقاربان معنىً، مع افتراقهما اشتقاقًا، فالمعتر مضاعَفٌ، والمعتري معتلّ اللّام، ومن النّادر ... ".
(¬4) جزء من قصيدة طويلة أوردها ابن هشام في سيرته: 3/ 13.