كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

نكتةٌ (¬1):
إذا كان الثَّغرُ رباطًا لموضع الخوف، ثمّ ارتفع الخوفُ لقوَّة الإسلام، أو لبُعْدِ العدوِّ، فَحُكمُ الرِّباط يزولُ عنهم.
الفائدةُ السّادسة (¬2):
قال علماؤنا (¬3): وَرِبَاطُ الخيل والنَّفس من عُدَّةِ الجهد، ولا يبلغ درجة الجهاد (¬4).
وقد سئل مالك: أيّما أحبُّ إليكَ الرِّباط أم الغارات في أرض العدوِّ؟ فقال: أمّا الغارات فلا أدري، كأنّه كرهها (¬5)، وأمّا السَّير في أرض العدوِّ على الإصابة - يريد السُّنَّة- فذلك أحبُّ إلىَّ (¬6).
وقد رُوِيَ عن ابن عمر أنّه قال: "فَرَضَ الله الْجِهَادَ لِسَفْكِ دِمَاءِ الُمُشْرِكينَ، والرِّبَاطَ لِحَقنِ دِمَاءِ المُسْلِمينَ، وحَقّنُ دِمَاءِ المسْلِمينَ أَحَبّ إِلَىَّ (¬7) من سَفْكِ دِمَاءِ المُشرِكِينَ" (¬8).
¬__________
(¬1) هذه النكتة مقتبسة من المنتقى: 3/ 162.
(¬2) هذه الفائدةُ مقتبسة من المنتقى: 3/ 162.
(¬3) المقصود هو الإمام الباجي.
(¬4) قوله: "ولا يبلغ درجة الجهاد" من زيادات المؤلّف على نصّ المنتقى.
(¬5) يرى ابن رشد في البيان والتحميل: 2/ 523 أنّ الإمام مالك كره الغارات في هذه الرِّواية استثقالًا لاسمها ,لا لمعناها إذا كانت على وجهها.
(¬6) انظر قول مالك في العتُبيّة: 1/ 521.
(¬7) يقرل ابن رشد في البيان والتّحصيل: 2/ 522 "ولا ينبغي أنّ يحمل هذا على أنّه اختلاف من القول، إذ لا يصحّ أنّ يقال: إنَّ أحدهما أفضل من صاحبه على الإطلاق، وإنّما ذلك على قَدْرِ ما يرى وينزل، فيحمل قول ابن عمر - رضي الله عنه - على أنّ ذلك عند شدّة الخوف على الثّغور وخوف هجوم العدوِّ عليها، وما رُوِيَ عن مالك من أنّ الجهاد أفضل عند قلة الخوف على الثّغور والأمن من هجوم العدوِّ عليها". وانظر المقدِّمات الممهدات: 1/ 365.
(¬8) أورده ابن أبي زيد في النوادر والزيادات: 4، وابن رشد في المقدِّمات: 1/ 364، والبيان والتّحصل: 2/ 522، 16/ 372، 17/ 299.

الصفحة 19