كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

الفقه في مسائل:
المسألة الأولى (¬1):
قوله (¬2): "نَحّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ عَامَ الْحُدَيبِيَّةِ البَقَرَةَ عَنْ سَبعَةٍ وَالْبَدَنَة عَنْ سَبْعَةٍ" يقتضي أنّ البُدنَ والبقر تُنْحَر، وسيأتي بيانُه إنَّ شاء الله (¬3).
وأمّا ما ذكر من ذَبْح الواحدة عن سبعة، فقد اختلفَ النَّاسُ في ذلك، فمذهب مالك - رحمه الله - أنّه لا يجوز في الهدايا الواجبة ولا فيَ الضَّحايا أنّ يشترك في ثمن الأُضحيّة والبَدَنَة جماعة، فيشترونها ثمّ يذبحونها أو ينحرونها (¬4).
فأمّا هَدْي التّطوُّع، فالمشهورُ عنه أنّ الاشتراكَ فيه غير جائز (¬5).
وحَكَى ابنُ القَصَّار أنّه رُوِيَ عنه أنّ ذلك يجوز (¬6).
ويجوزُ عند مالك أنّ تكون الأُضحيّة لرَجُلٍ واحدٍ فيذبحها عنه وعن أهل بيته ومن في عياله وإن كانوا أكثر من سبعة.
¬__________
(¬1) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: 3/ 95.
(¬2) في حديث جابر السابق ذِكْرُهُ.
(¬3) في كتاب الذبائح.
(¬4) يقول أبو عبد الملك البوني في تفسير الموطَّأ: 77/ أ "وأمّا أنّ يخرج كلّ واحدٍ منهم دراهم ويشتركوا فيه [أي في الهدي] فلا ينبغي ذلك، وترك الاشتراك في الهدي على كلّ حال أحسن؛ لأنّه لم يمض من عمل النَّاس الاشتراك في الهدى، وأبو الزّبير المكِّيّ الّذي روى هذا الحديث قد تُكُلَّم فيه".
(¬5) ذكر البوني في تفسير الموطَّأ: 77/ أأنّ القول بالمنع مرويٌّ عنه في المختلطة. قلنا: ورُويَ عنه في المدوّنة أنّه قال: 2/ 3 "لا يشترك في الهدي وإن كان تطوّعًا".
(¬6) وحكاه عنه أيضًا ابن الموّاز، كما نصّ على ذلك البوني في تفسيره للموطَّأ: 77/ أ. ولم نجد في عيون المجالس: 678 - 680 [2/ 938 - 940] هذه الرِّواية, نظرًا لكون الكتاب المذكور اختصارًا للأصل المسمّى "عيون الأدلة".

الصفحة 193