كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

وقال مالك مرَّة: يُدْعَون (¬1)، ومرّة: لا يُدْعَونَ.
وقال آخرون: لا يدعون (¬2).
وقال آخرون: ذلك اختلاف من القول.
والّذي عندي أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قد فرغ من الدّعوة لأنّه قد كتب إلى هرقل، وإلى النّجاشي، وكتب إلى القبائل، وبيّن الإسلام، ومهّد شرائعه في عشر سنين، فلم تبق في الأرض أُمَّة إِلَّا وقد بلغتها الدّعوة (¬3)، وإنّما كانت الدّعوة في أوّل الإسلام، وأمّا من يعلم الدّعوة وبلغته، فلا يؤمر بالدّعوة فتسقط عنه، وإنّما يؤمر بها من لا يعلم بالدّعوة ولا بلغته.

باب النّهي عن قتل النّساء والولدان في الغزو
قال الإمام: الحديث صحيح.
الفقه في عشرين مسألة:
الأولى (¬4):
قوله (¬5):"نَهى الّذِينَ قَتَلُوا ابْنَ أَبِي الحُقَيْقِ عَنْ قَتْلِ النِسَاءِ وَالوِلدَانِ" يريد حين
¬__________
(¬1) رواه عنه ابن القاسم في المدونة: 1/ 367.
(¬2) قال ابن أبي زيد في النوادر والزيادات: 38 "قال ابن حبيب: قال المدنيون من أصحاب مالك: إنّما الدّعوة اليوم في من لم يبلغه الإسلام ولا بعلم ما يقاتل عليه. وأمّا من بلغه الإسلام وعلم ما يُدعى إليه، حارب وحورب كالروم والإفرنج، ومن دنا من أرض الإسلام وعَرَفَهُ، فالدّعوة فيهم ساقطة".
(¬3) انظر النّوادر والزِّيادات:37، والأموال للداودي: 124 - 126، والبيان والتحصيل: 3/ 83، وسيأتي الكلام على المسألة في صفحة:
(¬4) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 166.
(¬5) في الموطَّأ (1290) رواية يحيي، ورواه عن مالك: أبو مصعب (919)، وانظر التمهيد: 11/ 66 - 71.

الصفحة 30