كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

وقال مالك أيضًا: لا يقتل الرّاهب (¬1) ويترك له ما يعيش به (¬2).
المسألة السّادسة:
وأمّا الزّمِنُ (¬3) والمجنونُ والمريض والشّيخ (¬4)، فقال علماؤنا بالنّهي عن قتلهم (¬5)، وهو مذهب مالك (¬6).
وقال الشّافعيّ: يقتلون للعلَّة الموجودة فيهم وهو الكفر، وهو في جملة من أمر الله بقتلهم من المشركين، غير خارجين من الجملة (¬7).
نكتةٌ أصولية (¬8):
اعلموا أنّ الجهادَ إنّما هو موضوعٌ لإعلاءِ كلمةِ الله، وكسبِ الحلال من مالِ الله، وقتال أعداء الله.
واختلف العلّماءُ في علَّة القتل، فمنهم من قال: عِلَّتُه الكفرُ. قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} (¬9) أي: كفرٌ.
¬__________
(¬1) لعلّ الصواب: "لا بعرض للرّاهب" كما في الموّازية، وإذا كانت العبارة سليمة فهي ممّا أجاب بها مالك تلميذ. ابن القاسم في المدوّنة: 1/ 370.
(¬2) ونحو. في كتاب ابن المواز، كما في النوادر والزيادات: 65، وانظر تهذيب مسائل المدونة للبراذعي: الورقة 47.
(¬3) الصّحيح عند ابن العربي في أحكام القرآن: 1/ 105 - 106 أنّ الزّمنى ينبغي أنّ تعتبر أحوالهم, فإن كان فيهم إذاية قُتلُوا، وإلّا تركوا وما هم بسبيله من الزّمانة. وانظر: القبس: 2/ 592.
(¬4) يقول المؤلِّف في أحكام القرآن: 1/ 106 "رَأيِي قتلهم، لما رؤى النّسائي عن سمرة ... ويعضده عموم القرآن، ووجود المعنى فيهم من المحاربة والقتال، إِلَّا أنّ يُدْخِلهم التّشْيُّخ والكِبَرُ في حدِّ الهرم والفَنَدِ [أي الخرف] ... ". وانظر القبس: 2/ 591.
(¬5) يقول البوني في تفسير الموطَّأ: لوحة 67/ أ "ويحتمل أنّ يكون إنّما نهى عن قتل من لشى فيه الرأي والتدببر، لئلّا يُشتغل بقتله عن قتل من فيه الشوكة على المسلمين".
(¬6) انظر النوادر والزيادات: 60 - 61، والكافي: 208، وعقد الجواهر الثمينة: 1/ 469، والذخيرة: 3/ 398.
(¬7) وهم الّذي قاله في كتاب السِّير كلما في مختصر المزني [الحاوي: 14/ 92]، قال: "ويقتل الشّيوخ والأجَرَاءُ والرُّهبان"، قال المزني: "هذا أولى القولين عندي بالحق؛ لأنّ كفر جميعهم واحدٌ، وكذلك سفك دمائهم بالكفر في القياس واحدٌ". وانظر الوسيط للغزالي: 7/ 20، ومشارع الأشواق لابن النحاس: 1/ 1023، ونصّ على أنّه أظهر قولي الشّافعيّ.
(¬8) انظرها في القبس: 2/ 590.
(¬9) الأنفال: 39، وانظر أحكام القرآن: 2/ 854.

الصفحة 34