كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

المسألة السّابعة عشرة (¬1):
قوله: "ولا تمثِّلُوا" (¬2) يريد العبث بقطع الأيدي والأرجل وفقء الأعين، وإنّما يُقْتَل من أسِرَ منهم بضرب الرِّقاب، وأمّا ما رُوِيَ عنه - صلّى الله عليه وسلم - في العُرَنِيِّينَ (¬3)، فإنّه روى سليمان التَّيْمِىّ، عن أنس, أنّهم كانوا فعلوا بالرِّعاء مثل ذلك (¬4)، ومثلُ هذا يجوز فيمن مَثَّلَ بمسلمٍ أنّ يُمَثَّل به.
المسألة الثّامنة عشرة (¬5):
قال علماؤنا (¬6): وهذا في قتلهم بعد إلاستيثاق منهم، فإمّا في دار الحرب فإنّه على ضَربين:
أحدهما: أنّ يضعف المشرك عن المحاربة ويستسلم، فهذا يجوز قتله بِالضّرب والطّعن، دون قصد التّمثيل والتّعذيب.
والثّاني: أنّ يكون مقاتلًا ومدافِعًا، فهذا يجوز أنّ يُتَوَصَّلَ إلى إذايته بما يمكن من تمثيل وغيره.
المسألة التّاسعة عشرة (¬7):
كَان رَسُولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةَ يَقُولُ: "اغزُوا بِاسْمِ الله ... " الحديث (¬8). وقوله:
¬__________
(¬1) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 172.
(¬2) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في حديث الموطَّأ السابق ذِكرُهُ.
(¬3) انظر ما حدث لهمِ في البخاريّ (233)، ومسلم (1671) عن أنس قال: قدِم على رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قوم من عُكَل أو عُرَينَةَ، فاجْتَوَوُا المدينة، فأمر لهم رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - بِلِقَاحٍ، وأمَرَهُم أنّ يشرَبُوا من أبوالها وألبانها.
(¬4) روى مسلم (1671) عن أنس قال: "إنّما سَمَل النّبىُّ أعْيُن أولئك؛ لأنّهم سَمَلوا أعْيُنَ الرِّعاء".
(¬5) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 172.
(¬6) المقصود هو الإمام الباجي.
(¬7) انظر في القبس: 2/ 308 (ط. الأزهري).
(¬8) أي حديث الموطَّأ السابق ذِكرُهُ، يقول البوني فى تفسيره: 67/ أ "قوله اغزوا باسم الله، [يعني] أخلصوا نياتكم في سبيل الله".

الصفحة 43