كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

تركيب (¬1):
ولو أشرف المسلمون على أخذ حِصْنٍ وتيقّن أخذه، فأمَّنَ أهله رجل من المسلمين، كان للإمام ردّ تأمينه، قاله سحنون (¬2)؛ لأنّه حق المسلمين قد تعلَّق بهم، فليس لهذا المؤمّن إبطاله، ولو تقدّم الإمام بمنع النَّاس (¬3)، ثمّ تعدَّى بعد ذلك رجلٌ من المسلمين فأمّن أحدًا، ردّ الإمام تأمينه، وردّ الحربيّ إلى ما كان عليه قبل الأمان.
المسألة الثّالثة (¬4): فى صفة المؤمّن
فالمؤمّن على ضربين: آمنٌ، وخائف.
فأمّا "الآمن" فهذا اجتمعت فيه صفات الأمان وهي خمسة: الذُّكوريَّة، والحُرَّيَّة، والبلوغ، والعقل، والإِسلام، جاز تأمينُه عند مالك.
وقال ابن الماجشُون: لا يلزم تأمين غير الإمام، فإن أمَّن غيره، فالإمام بالخيار بين أنّ يمضيَهُ أو يردَّهُ (¬5).
والأصل فيما ذهب إليه مالك قوله - صلّى الله عليه وسلم -: "في ذِمَّةُ المُسلِمينَ وَاحِدةٌ، يَسعَى بِهَا أَدْنَاهُم، فمن أَخفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيهِ لَعنةُ الله وَالمَلاَئكَة وَالنَّاس أَجمَعَين، لا يُقْبَلُ منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ" (¬6).
ومن جهة القياس: أنّ هذا مسلمٌ يعقل الأمان، فجاز أَمَانُهُ كالإمام.
أمّا "الأنوثة" فلا تمنع صحَّة الأمان (¬7).
وأمّا "الحرية"، فقد اختلف أصحابنا في مراعاتها فقال ابن القصّار: لم أجد فيها نصًّا لمالك (¬8)، ولكنّهم يحكمون بلزوم أمان العبد، ونراه قياس قول مالك.
¬__________
(¬1) هذا التركيب مقتبس من المنتقى: 172 - 173.
(¬2) انظر نحو هذا القول في النوادر والزيادات: 112 - 113.
(¬3) أي منعهم من التّأمين.
(¬4) هذة المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 173.
(¬5) قول عبد الملك نقله القاضي فى المعونة: 1/ 623، وابن شاس في عقد الجواهر الثمينة: 1/ 480. وقال نحوه ابن حبيب في الواضحة، كما نصّ على ذلك ابن أبي زيد في نوادره: 88 - 89.
(¬6) أخرجه مطؤلًا البخاريّ (3179)، ومسلم (1370) من حديث علي.
(¬7) يقول مالك في المدؤنة: 1/ 400: "أمان المرأة جائز"، وفي الموازية: "قال مالك وأصحابه: أمان المرأة جائز على جميع الجيش، وعلى جميع المسلمين" عن النوادر والزيادات: 91. وذكر ابن عبد البرّ في الكافي: 210 أنّ هذا هو قول مالك وجمهور أهل العلم.
(¬8) عبارة ابن القصار كما في عون المجالس: الورقة 29 "ولم أجد لمالك - رحمه الله - نصًّا في أمان =

الصفحة 47