عَقَدَ نكاحَهما معًا فسخ ذلك النِّكاح، والنَّبيُّ عليه السّلام أطلقَ القولَ لغَيْلَانَ وفيروزَ، ولم يستَفْصِلْ عن الأوائلِ والأواخِرِ، ولا عن الجَمْعِ في عَقدٍ ولا تفريقٍ، ولو كان الحكمُ يختلفُ في ذلك لاستفصَلَ. ومِنْ أمْلَحِ النّاسِ عبارةً في ذلك ما أَصَّلَهُ أبو المعالي في هذا الحديثِ وأمثاله، فقال (¬1): تَرْكُ الاسْتِفْصَالِ في حِكَايَاتِ الأَحْوَالِ مَعَ الاحْتِمَالِ بمَنْزِلَةِ الْعُمُومِ في الْمَقَالِ كَحَدِيثِ غيلَانَ.
وأدخل مالكٌ في البابِ أحاديث كثيرة منها حديث عمر (¬2).
المسألة الثّانية (¬3):
قال علماؤُنا (¬4): حديثُ غَيْلَان هذا مبنىٌّ على أنَّ نكاحَ الكُفّارِ فاسدٌ لعدم شروط الصّحة، لكن إذا كان معنى الفساد يفارق العَقْدَ، فذلك يُصَحِّحُهُ الإسلام،* فإن كان يبقى بعد العَقْدِ وأدركه الإسلام، بَطَلَ النِّكاح، وإن انقضَى قبل الإسلام، صحّحه الإسلام*, وذلك أنّ ينكحها في عِدَّتها ثمَّ يسلِم وهي في عِدَّتها، فقال ابن القاسم: يَنْفَسِخ. وقال أشهب: إنْ أسلم بعد إنقضاء عِدَّتها ثبتَ النِّكاحُ (¬5).
¬__________
(¬1) في البرهان في أصول الفقه: 1/ 237 منسوبًا للإمام الشّافعيّ، وكذلك هو في المستصفى: 2/ 68، والمحصول للرازي: 2/ 631، والمدخل لابن بدران: 244.
(¬2) في الموطَّأ (1718) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (1694)، وسويد (365)، ومحمد بن الحسن (566).
(¬3) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 4/ 123، وانظر المعونة: 2/ 810.
(¬4) المقصودُ هو الإمام الباجي.
(¬5) اختصر المؤلِّف هاهنا كلام أشهب، وهو كما في المنتقى: "قال أشهب: كان لم يكن بني بها، ولو وطيء بعد إسلامه في العِدّة لم تحلّ له أبدًا، وكذلك من تزوّج على سُنَّة المتعة فأسلم قبل الأجل فسخ نكاحه، ولو أسلم بعد الأجل ثبت نكاحه بني أو لم يبن، قاله أشهب، وذلك كله من كتاب أحمد".