كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

يَخْتَصُّ بالمؤمناتِ، ويحتملُ أنّ يكونَ على سبيلِ التّرغيب في ذلك، يعني أنَّ هذا لا يتركُهُ من يُؤمِن باللهِ واليوم الآخِرِ، وهذا كقولِهِ عليه السّلام: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ" (¬1) واللهُ أعلمُ.
المسألةُ الثّانيةُ (¬2):
اختلف قولُ مالكٍ في تَعَلُّقِ الإحداد بالكتابيَّةِ؟
فَرَوَى عنه أَشْهَب: لا إحدادَ عليها (¬3)، وبه قال أبو حنيفة (¬4).
وَرَوَى عنه ابنُ القاسِمِ (¬5) وغيره؛ أنَّ عليها الإحداد (¬6)، وبه قال الشّافعيّ (¬7).
المسألةُ الثّالثة (¬8):
ومن تُوُفّي عن امْرَأةٍ بعدَ البِنَاء، فتبيَّنَ أنَّ نكاحَها فاسدٌ، قال ابنُ القاسم في "المدوِّنة" (¬9): لَا إِحْدَادَ عليها، وَلَا عِدَّةَ، وتَسْتَبْرِىءُ بثلاث حِيَضٍ (¬10)، وهذا عندي في الّتي يُفسَخ نكاحُها على كلَّ حالِ، ولم يثبت بَيْنَهُما شيءٌ من أحكامِهِ. وأمّا الّتي ثبتَ بينهما أحكام التّوارُثِ، فإنّها تعتدُّ ويلزمُها الإحداد.
المسألةُ الرّابعةُ (¬11):
قولُه (¬12):"إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا" وهذا على الإيجابِ لا على الإباحةِ،
¬__________
(¬1) أخرجه البخاريّ (6018)، ومسلم (47) من حديث أبي هريرة.
(¬2) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 4/ 144.
(¬3) ووجه هذه الرِّواية كما نصّ عليه الباجي في المنتقى: 1/ 144 - أنّ الإحداد عبادة، والكتابية ليست من أهل العبادة.
(¬4) انظر المبسوط للسرخسي: 6/ 32.
(¬5) في المدوّنة: 2/ 76 في باب الإحداد وإحداد النّصرانية.
(¬6) ووجه هذه الرِّواية: أنّ الكتابية معتدّة من وفاة زوج مسلم كالمسلمة، ويرى البوني في تفسير الموطَّأ: 91/ ب أنّ ذلك من حقوق الزوج المسلم المتوتى كما كانت العِدَّة من حقوقه.
(¬7) في الأم: 11/ 342 (ط. قتيبة)، وانظر مختصر خلافات البيهقي: 4/ 393.
(¬8) هذه المسألة اقتبسها المؤلِّف من المنتقى: 4/ 144.
(¬9) 2/ 100 في عدّة المرأة تنكح نكاحًا فاسدًا.
(¬10) ووجه هذه الرِّواية أنَّها ليست بمعتدَّة من وفاةٍ فلم يلزمها إحداد كالمطلَّقة. انظر المنتقى: 4/ 144.
(¬11) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 4/ 144 - 145.
(¬12) في حديث الموطَّأ السابق ذِكْرُهُ.

الصفحة 668