فاستثنَى من التّحريمِ الإيجاب، وهذا يقتضي أنَّ لفظةَ "افعل" بعد الحَظْرِ على بابها في الوجوبِ، خلافًا لمن قال من أصحابنا (¬1) وغيرهم (¬2): إِنَّها تقتضي الإباحة، واللهُ أعلمُ.
المسألةُ الخامسةُ (¬3):
قولُه (¬4): "امْرَأَة" هو عندنا سواءٌ في كلِّ امرأةٍ أو أمَةٍ، صغيرة أو كبيرة، حُرَّة أو أَمَة (¬5)، وبه قال الشّافعيّ (¬6).
وقال أبو حنيفة: لا إحدادَ على أَمَةٍ ولا صغيرةٍ (¬7).
ودليلُنا قوله: "لا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ" الحديث، وقد اتَّفَقْنَا أنَّه على الوجوب، فوجبَ أنّ يُحْمَلَ على عمومِهِ (¬8).
المسألة السّادسة (¬9):
وقولُه (¬10): "أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيَّتٍ" يقتضي اختصاصه (¬11) بالوَفَاةِ، وقد قال مالك (¬12): لا (حدادَ على مطلَّقةٍ، وبه قال الشّافعيّ (¬13).
¬__________
(¬1) منهم أبو الفرج وأبو تمام والقاضي عبد الوهّاب وابن خويزمنداد، نصّ على ذلك الباجي في إحكام الفصول: 200.
(¬2) وهو مذهب الشّافعيّ كما أشار إليه الباجي في إحكام الفصول: 200.
(¬3) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: 4/ 145.
(¬4) في حديث الموطَّأ السابق ذكره.
(¬5) انظر المدوّنة:2/ 76 - 77، والمعونة: 2/ 928 - 929.
(¬6) في الأم: 11/ 305.
(¬7) انظر مختصر اختلاف العلماء: 2/ 393، والمبسرط: 6/ 39.
(¬8) والدّليل من جهة المعنى: أنّ كلّ من لزمها عِدَّة الوفاة على زَوْج لزمها الأحداد كالحرّة الكبيرة. انظر المنتقى: 4/ 145.
(¬9) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 4/ 145. ما عدا قوله: "ومعنى الإحداد ... " إلى آخر المسألة.
(¬10) في حديث الموطَّأ السابق ذكره.
(¬11) أي اختصاص هذا الحكم.
(¬12) في المدوّنة: 2/ 76 باب الأحداد وإحداد النصرانية.
(¬13) قال في الأم: 11/ 299 (ط. قتيبة) "وأحبُّ إليَّ للمطلقة طلاقًا لا يملك زوجُها فيه عليها رجعة تحدّ إحداد المتوفّى عنها حتّى تنقضي عدَّتها من الطّلاق ... ولا يبين لي أنّ أوجبَهُ عليها".