كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

فاستثنَى من التّحريمِ الإيجاب، وهذا يقتضي أنَّ لفظةَ "افعل" بعد الحَظْرِ على بابها في الوجوبِ، خلافًا لمن قال من أصحابنا (¬1) وغيرهم (¬2): إِنَّها تقتضي الإباحة، واللهُ أعلمُ.
المسألةُ الخامسةُ (¬3):
قولُه (¬4): "امْرَأَة" هو عندنا سواءٌ في كلِّ امرأةٍ أو أمَةٍ، صغيرة أو كبيرة، حُرَّة أو أَمَة (¬5)، وبه قال الشّافعيّ (¬6).
وقال أبو حنيفة: لا إحدادَ على أَمَةٍ ولا صغيرةٍ (¬7).
ودليلُنا قوله: "لا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ" الحديث، وقد اتَّفَقْنَا أنَّه على الوجوب، فوجبَ أنّ يُحْمَلَ على عمومِهِ (¬8).
المسألة السّادسة (¬9):
وقولُه (¬10): "أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيَّتٍ" يقتضي اختصاصه (¬11) بالوَفَاةِ، وقد قال مالك (¬12): لا (حدادَ على مطلَّقةٍ، وبه قال الشّافعيّ (¬13).
¬__________
(¬1) منهم أبو الفرج وأبو تمام والقاضي عبد الوهّاب وابن خويزمنداد، نصّ على ذلك الباجي في إحكام الفصول: 200.
(¬2) وهو مذهب الشّافعيّ كما أشار إليه الباجي في إحكام الفصول: 200.
(¬3) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: 4/ 145.
(¬4) في حديث الموطَّأ السابق ذكره.
(¬5) انظر المدوّنة:2/ 76 - 77، والمعونة: 2/ 928 - 929.
(¬6) في الأم: 11/ 305.
(¬7) انظر مختصر اختلاف العلماء: 2/ 393، والمبسرط: 6/ 39.
(¬8) والدّليل من جهة المعنى: أنّ كلّ من لزمها عِدَّة الوفاة على زَوْج لزمها الأحداد كالحرّة الكبيرة. انظر المنتقى: 4/ 145.
(¬9) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 4/ 145. ما عدا قوله: "ومعنى الإحداد ... " إلى آخر المسألة.
(¬10) في حديث الموطَّأ السابق ذكره.
(¬11) أي اختصاص هذا الحكم.
(¬12) في المدوّنة: 2/ 76 باب الأحداد وإحداد النصرانية.
(¬13) قال في الأم: 11/ 299 (ط. قتيبة) "وأحبُّ إليَّ للمطلقة طلاقًا لا يملك زوجُها فيه عليها رجعة تحدّ إحداد المتوفّى عنها حتّى تنقضي عدَّتها من الطّلاق ... ولا يبين لي أنّ أوجبَهُ عليها".

الصفحة 669