كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

وقال أبو حنيفة: عليها الإحداد (¬1)، وُيزوَى عنِ ابنِ المسيِّب وابن سِيرِين (¬2).
ودليلُنا: أنَّ هذه مطلَّقَةٌ فلا إحدادَ عليها كالرَّجعيَّةِ.
ومعنى الإحداد: الامتناع من الزِّينةِ والطَّيبِ، ويقال منه: أَحَدَّتِ المرأةُ، أي: امْتَنَعَتْ عنِ الطّيبِ والزِّينةِ (¬3).
المسألةُ السّابعةُ (¬4):
قوله (¬5):"لَا تَلْبَسُ الْحَادُّ شَيْئًا مِنَ الحَلْىِ".
قال ابن مزين: سألتُ عِيسى فقلتُ له: من الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ؟ فقال: نعم (¬6).
وروى محمّد عن مالك: لا تلبس حليًا وإن كان حريرًا.
وبالجملةِ: إِنّ كلَّ ما تلْبَسُهُ على وجهِ ما يُستعمل عليه الحَلْي من التّجمُّل فلا تَلْبَسُه الحادُّ، ولم ينصّ أصحابنُا على الجواهرِ واليواقيتِ والزَّمُرُّد وهو داخلٌ تحت قولِهِ: "وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الحَلْيِ" (¬7).
وقولُه (¬8): "وَلَا شَيْءَ مِنَ الْعَصْبِ (¬9)، إِلاّ أنّ يَكُونَ عَصْبًا غَلِيظًا" لأنّ (¬10) رقيقَه بمنزلةِ الثّياب المصبغة.
وقال محمْد عن مالك: "لا تلبس الأسود إنَّ كان حريرا"، و"لا شيءٍ بغير الوَرْسِ والزّعفران" (¬11).
¬__________
(¬1) انظر المبسوط: 6/ 58، ومختصر اختلاف العلماء: 2/ 394.
(¬2) انظر الاستذكار: 18/ 222.
(¬3) انظر تفسير الموطَّأ للبوني: 91/ ب.
(¬4) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 4/ 147 - 148.
(¬5) أي قول مالك في الموطَّأ (1756) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (1727)، وسويد (376).
(¬6) يرى الباجي في المنتقى أنّ عيسى لعلّه قصر ذلك على الذّهب والفضّة لمّا كان هذا هو المعروف ببلده، ولم يكن حلي الحرير ولم يتخذ بها.
(¬7) هو جزء من كلام مالك في الموطَّأ السابق ذكره.
(¬8) أي قول مالك في الموطَّأ.
(¬9) العصبُ: برود يمنية يُعْصَبُ أي يجمع ويُشَدُّ غزلها، ثمّ يصبغ وينسخ، فيأتي موشيا لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذه عصب. انظر غريب الحديث للحربي: 1/ 304، والنهاية: 3/ 245.
(¬10) القائل هاهنا هو ابن القاسم كما صرح بذلك الباجي في المنتقى، وهر في المدوّنة: 2/ 77.
(¬11) هذه العبارة هي من قول الإمام مالك في المدوّنة: 2/ 77.

الصفحة 670