كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

وَرَوَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ قالَتْ: قُلْتُ: يا رَسُول اللهِ، هَلْ لكَ فِي أنّ تنْكِحَ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ: أَوَ تُحِبِّينَ ذلِك؟ قال: قُلْتُ: إِنِّي لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيّةِ، قال رسولُ اللهِ: إِنَّها لَا تَحِلُّ لِي. فَقَالَتْ: فَقدْ حُدَّثْنَا أَنَّكَ تُرِيدُ أنّ تنْكِحَ بِنْتَ أبي سَلمَةَ. قَال رَسُولُ اللهِ: ابْنةُ أُمِّ سَلَمَة؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "إِنَّها لَوْ لَمْ تكُنْ رَبيبَتِي فِي حِجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضاعَةِ أَرْضَعَتنِي وَأَبَا سَلَمَة ثُوَيْبَةُ، فَلَا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ" (¬1).
وكانت ثُوَيْبَةُ جاريةً لأبي لهَبٍ، أرْضَعَتْ رسولَ اللهِ وَحمزةَ وأبا سَلَمَةَ (¬2).
وقد رَوَى أهلُ التّاريخِ: أنَّ حمزة كان أكبرَ من النَّبيِّ عليه السّلام بأربع سنينَ (¬3). ورُوِيَ أَنَّه كان أكْبرَ منه بِسَنَتَيْنِ (¬4)، فيَحْتَمِلُ أنَّ يكونَ رَضَاعُ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - مع حمزةَ في مُدَّةٍ واحدةٍ، ويَحتَمِلُ أنّ يكونَ في مُدَّتَيْنِ، واللهُ أعلمُ.

المقدِّمة الثّالثة (¬5) في حقيقة الرّضاع الّتي يتعلّق بها التّحريم
واعلم أنَّ كلَّ فَمَيْنِ تَنَاوَلا ثَدْيَا واحدًا في وقتٍ واحدٍ، أو في وقْتَينِ مختَلِفَينِ، فإنّ المُرضعَ أمٌّ لَهُمَا، وهما أخوان من الرَّضاعةِ.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاريّ (5101)، ومسلم (1449).
(¬2) انظر الطبقات لابن سعد: 1/ 109، والاستيعاب: 8/ 940، والإصابة: 7/ 548.
(¬3) ذكر هذه الرِّواية ابن عبد البرّ في الاستيعاب: 8/ 369، وابن حجر في الإصابة: 2/ 122.
(¬4) ذكره ابن عبد البرّ في الاستيعاب: 8/ 370 ونصّ على أنّ البكائي رواها عن ابن إسحاق، وانظر الإصابة: 2/ 122.
(¬5) انظرها في القبس: 2/ 766 - 767.

الصفحة 674