كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

للفارس ثلاثة أَسْهُم، وللرَّاجل سَهْمٌ؛ لأنَّه إذا كان للفرس سهمان، وللرَّاجل الذى يركبه سهمٌّ كالرّاجل المُنفَرد، فإنّه يكون للفارِسِ ثلاثة أسهم، وبه قال الشّافعيّ (¬1).
وقال أبو حنيفة (¬2): للفرس سَهْمٌ، ولفارسه سَهْمٌ، فللفارس سهمان وللراجل سهمٌ.
ودليلنا: ما رواه أبو داود، عن ابن حنبل، عن ابن عمر (¬3) , أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - أَسْهَمَ للرَّجُلِ وَلفرسه ثلاثة أسْهُمٍ، سَهْمٌ له وسَهْمَانِ لفَرَسِهِ (¬4).
ومن جهة المعنى: ما ذكره الأبهري أنّ الفرس لمّا كان قُوتُه أكثر من قُوتِ فارسه، وغناؤُه أكثر من غناء الفارس، زيد في القسم من أجل ذلك.
وأمّا "الفرس المريض" فاختلف أصحابنا فيه، هل يُسْهَم له أم لا؟ فقال مالك: يُسْهَمُ له (¬5).
وقال أشهَب وابنُ نافع: لا يُسْهَم له (¬6).
ووجه القول الأوّل: أنّه على حالٍ يُزجَى بُرْؤُهُ وُيتَرَقَّب الانتفاع به، كالَّذي يصيبه القيء الخفيف.
ووجه القول الثّاني: أته لا يمكن القتال عليه الآن، فأشبه الكَسِير.
¬__________
(¬1) انظر الأم: 8/ 416 - 417، ومختصر الخلافيات: 4/ 59.
(¬2) انظر: مختصر الطحاوي: 285، ومختصر اختلاف العلماء: 3/ 437 - 441.
(¬3) لا ندري إنَّ كان المؤلِّف اختصر رجال إسناد الحديث، أم سقطت بعض الأسماء نتيجة انتقال نظر بعض النّساخ، وانظر السند الكامل في تعليقنا التالي.
(¬4) أخرجه أبو داود (2727) عن أحمد بن حنبل، عن أبي معاوية، عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، ومن طريقه ابن عبد البرّ في الاستذكار: 14/ 169، والحديث من طريق سُلَيْم بن أخضر عن عبيد الله بن عمر، أخرجه: عبد الرزّاق (9320) وابن أبي شيبة 12/ 396، وأحمد: 2/ 2، والدارمي (2475)، والبخاري (2865)، ومسلم (1762).
(¬5) قال ابن القاسم في المدونة: 1/ 394 "وبلغنى عن مالك أنّه قال فى الفرس إذا رُهِصَ [أي أصيبَ باطن حَافِرِه. بشيءٍ يوهِنُهُ]، أنّه يضرب له بسهم، وهو بمنزلة الرَّجل المريض"، كما رواه ابن سحنون في كتابه، نصَّ على ذلك ابن أبي زيد في نوادره: 196. وانظر الانجاد: 292.
(¬6) أورده ابن أبي زيد في النوادر: 197 نقلًا عن كتاب ابن سحنون على أنّه روايتهما عن مالك.

الصفحة 68