يقرؤها "يُغَلّ" (¬1) كذلك قرأها أبو وائل وأبو عبد الرّحمن السُّلَميّ والكسائي.
واختلف فيمن قرأ هذه القراءة، وفي معنى ذلك روايتان:
فقال محمّد بن إسحاق: معنى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} أي: يكتم النَّاس ما بعثه الله به (¬2).
أو يقسم البعضَ ويترك بعضًا، قاله الضّحّاك (¬3).
الإسناد:
قال القاضي: أحاديث الغلول كثيرة المساق، والّذي يحضر الآن في الخاطر منها ثلاثة أحاديث:
الحديث الأوّل: ثَبَتَ (¬4) أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ يَومَ خَيبَر (¬5) وَأَنَّهُمْ ذَكَرُوهُ لِرَسُول الله - صلّى الله عليه وسلم - فقال لهم: "صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ" فَتَغَيَّرَت وُجُوهُ الناسِ لِذَلكَ، فَزَعَمَ زيدً أَنْ رَسُولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - قَالَ: "صَلوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فإنَّهُ قَدْ غَلَّ في سَبيل الله "قالَ: فَفَتَحْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا خَرَزَاتٍ من خَرَزِ يَهُودَ مَا تُسَاوِي دِرْهَمَين".
¬__________
(¬1) وهي قراءة أبي جعفر ونافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وخلف، ويعقوب برواية رويس. انظر المبسوط في القراءات العشر لابن مهران: 171.
(¬2) رواه هذه الرِّواية الطّبريّ في تفسيره: 7/ 351 - 352 (ط. شاكر).
(¬3) أخرج هذه الرِّواية الطّبريّ في تفسيره: 7/ 351 - 352 (ط. شاكر).
(¬4) في الموطَّأ (1320) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (924)، وابن القاسم: لوحة 20/ أ، وابن بكير: لوحة 73/ أ، والقعنبي كما عند الجوهريّ (819)، وابن وهب كما عند البيهقي: 9/ 101، وعبد الله بن يوسف التنيسي كما عند الطبراني في معجمه الكبير (5176).
(¬5) في رواية يحيى: "حنين" وما أثبته المؤلِّف هو رواية القعنبيّ وابن القاسم وجمهور الرواة، وهو الصّواب، يقول ابن عبد البرّ في الاستذكار: 14/ 194 "وعند أكثر شيوخنا في هذا الحديث في الموطَّأ: "توفي رجل يوم حنين" وهو وهم، وإنّما هو يوم خَيْبَرَ، وعلى ذلك جماعة الرّواة، وهو الصّحيح، والدليل على ذلك قوله في الحديث: فوجدنا خرَزَاتٍ من خرز يهود، ولم يكن بحنين يهود" ويقول محمّد بن الحارث الخشني في أخبار الفقهاء والمحدثين: 352 "كذا رواه يحيى، وهم في إسناده ومَتْنِه .. وقال: يوم حُنَيْن، وإنّما هو يوم خيبر، وكذلك غلط في كلّ موضع ذكر فيه حنين من كتاب الجهاد، وإنّما هو خيبر حيث وقع منه ".