كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 5)

وقال (¬1): لم أسمع أحدًا قرأها بكسر الغين وفتح الياء من الغِلّ وهو الشَّحْنُ (¬2)، ومنه قوله في الحديث الآخر: "لا يُغِلْ عليهنّ قلب مؤمن دواما" (¬3) وقال في الحديث الآخر: "لا إغلال ولا إسلال" (¬4) فالإغلال: الخيانة، والإسلال: السَّرقة، يقال: رجل مُغِلٌّ مُسِلٌّ، أي: صاحب خيانة وسرقة.
الفقه والشرح والفوائد في عشر مسائل:
المسألة الأولى (¬5):
قوله (¬6):"حينَ صدرَ من حُنَينٍ" يريد: أصاب هوازن فغنم أموالَهم وذَرَارِيَهم، فَقَصَدَ يريد الجعرانة، وهي طريق إلى مكّة.
وقوله (¬7) *: "وَالذي نفسي بِيَدِهِ، لو أفاءَ الله عليكم مثلَ سَمُرِ (¬8) تِهَامَةَ، لقَسَمْتُهُ بينكم" قسَمُهُ - صلّى الله عليه وسلم - على سبيل الإنكار عليهم لفعلهم، وكثرة إلحاحهم عليه بالسُّوال فيما قد عرف من حاله أنّه لا يمنعه، حتْى أنّهم قد اعتقدوا فيه المنع، وهذا ممّا* لا يفعله
¬__________
(¬1) القائل هو أبو عبيد.
(¬2) أي الحقد والعداوة والبغضاء.
(¬3) رُوىَ في الحديثُ بلفظ "ثلاثٌ ولا يُغِلُّ عليهن قلب مسلم أبدًا ... ", أخرجه أحمد في مسنده 5/ 183 وأبو داود (3660) والترمذي (2636) وابن ماجه (4105) وغيرهم من حديث زيد بن ثابت. ورواه أبو عبيد في "الخطب والمواعظ" (ص 208) عن جبير بن مطعم بلفظ: " ... قلب المؤمّن".
(¬4) أخرجه ضمن حديث طويل أبو داود (2760) عن المسْوَر بن مَخْرَمة ومروان بن الحكم.
(¬5) الفقرتان الأولتان اقتبسهما المؤلِّف من المنتقى: 3/ 198.
(¬6) في حديث الموطَّأ (1319) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (923).
(¬7) في حديث الموطَّأ السابق ذكرُهُ.
(¬8) السَّمُرُ: شَجَرٌ طويلْ له شَوْكٌ، وهو كثير بتِهَامة، ولذلك شَبَّه به الإبل لكثرته وطُوله وكذلك يشبهون به الجيوش لكثرة عددها. انظر التعليق على الموطَّأ للوقَّشي: 1/ 343، والاقتضاب لليفرني: 2/ 24.

الصفحة 72