وما ثبتَ أنَّ أحدًا من الأيِمَّةِ قَضى دَين من ماتَ وعليه دَين من بيت المال بعد النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -
فيحتمل أنّ يكون هذا الحكم اختصّ بِالنَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم -، بَيَّنَ ذلك قولُهُ:"أَنَا أَوْلى بِالْمُؤمنِين من أَنْفُسِهِم" (¬1) وهذا لا يكونُ لأحدٍ بعدَهُ.
المسألة الثّانية: في آداب الغزو
ومنها: ردُّ المظالِمِ، وأداءُ الدَّيْن، وإذنُ الوالدين في ذلك، وتجديدُ النِّيَة، وتركُ النّفقة لِعيَالِه، ويكتب جميع أسبابه لأنّه يخرج إلى الله وإلى لقاء الله.
ومن الآداب: أنّ الرَّجُلَ إذا أراد أنّ يسافر ودَّع إخوانه في منازلهم، وإذا جاء تلقّوه، والتَّشْيِيعُ سُنَّةٌ.
حديث مالك (¬2)، عَنْ أَبِي النضر مولى عمر بن عبيد الله؛ أنّه بلغه أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ: "هَؤُلَاءِ أَشهَدُ عَلَيْهِمْ" فَقَالَ أَبَو بَكر الصِّدِّيقُ: أَلَسْنَا يَا رَسُولَ اللهِ بِإِخوانِهِم، أَسْلَمْنَا كَمَا أَسْلَمُوا وَجاهَدْنَا كمَا جَاهَدُوا؟ فَقَالَ رَسُولُ - صلّى الله عليه وسلم -: "بَلَى وَلكِنْ لَا أَدْرِي مَا تُحْدِثُونَ بَعْدِى" فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ. ثُمّ بَكَى ثمّ قَالَ: أَئِنَّا لَكَائنُونَ بَعْدَكَ؟
قول أبي بكر: "أئِنَّا لكائنونَ بعدَكَ" خرج على وجه الاستفهام، وإنّما هو على وجه التأسُّف (¬3).
¬__________
= (2411) من حديث أبي هريرة، كما أخرجه مطوّلًا: البخاريّ (6387)، وأحمد: 2/ 361 كلهم بدون لفظ "في النّار".
(¬1) أخرجه البخاريّ (6745)، ومسلم (1619) من حديث أبي هريرة.
(¬2) فى الموطَّأ (1329) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (931) وانظركتاب الإيماء للدّاني: 5/ 297
(¬3) هذا الشرح مقتبس من تفسير الموطَّأ للبوني: 69/ أ، وتتمته: "لأنّه لا يجوز أنّ يستفهمه بعد أنّ أخبره النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم -".