يجوزُ ذلك بأن يعرف وزن أحدِ الذَّهبينِ ثمَّ يراطل بها الآخر.
بَابُ العِينَةِ وَمَا يُشْبِهُهَا
قال الإمام (¬1): هذه كلمةٌ تَرْجَمَ بها مالكٌ، ورَدَتْ في الحديث، رَوَى أبو داوُدَ (¬2) عن النّبيِّ -عليه السّلام- أنّه قال: "إِذَا تَدَايَنتُم بِالعينَةِ، واتَّبَعتُم أَذْنَابَ البَقَر. الحديث"، وجَرَت في ألفاظِ الصّحابة، ذَكَرَها علماؤنا عن ابنِ عمرَ وابنِ عبّاسٍ، إِلَّا أنّ ابنَ عبّاسٍ فَسَّرَها بأنْ يبيعَ الرَّجلُ من الرّجلِ سِلعَتَة بدَينِ إلى أجَلٍ، ثمّ يَشتَريَها بأقلِّ ممّا باعَها نقدًا، وهي مسألةُ الذَّرائِعِ، وفسَّرها غيرُه بأنّها بيع ما ليسَ عندَكَ، وأصلُها فِعْلَة من العَوْنِ، وقد كانت جاريةً عندهم فيما يجوزُ وفيما لا يجوزُ، فوقعَ النَّهيُ منها على ما لا يجوزُ، وجَعَلَ مالكٌ منها بيعَ الطّعامِ قبلَ قبضِهِ، لِيُبَيِّنَ أنّها عندَهُ عبارةٌ: عن كلِّ عَقْدٍ لا يجوزُ، هذا معنَى التّرجمة.
قال الإمام: وقد رُوِيَ عن النَّبىِّ -عليه السّلام- في ذلك أحاديث ثلاثة:
1 - الأوَّل: قال: "مَنِ ابتَاعَ طَعَاما فَلَا يَبِعهُ حَتى يَقبضَهُ" (¬3).
¬__________
(¬1) انظر الكلام التالي في القبس: 2/ 825 - 826.
(¬2) الحديث (3462 م) عن ابن عمر. والحديث أخرجه أيضًا ابن عدي في الكامل في الضعفاء: 5/ 360،
وأبو نعيم في الحلية: 5/ 209، والبيهقي: 5/ 316، كلهم بلفظ "إذا تبايعتم بالعينة".
كما روي بلفظ: "وتبايعوا بالعينة" رواه أحمد: 2/ 42، والطبراني في الكبير (13583) من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش، عن عطاء، عن ابن عمر، واعتبر ابن حجر في تلخيص الحبير: 3/ 19 هذا الحديث من أصح ما ورد في بيع العينة، وصححه ابن القطّان في بيان الوهم والإيهام: 5/ 295 (2484).
(¬3) أخرجه مالك في الموطَّأ (1864) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2559)، وسويد (240)، وابن القاسم (287)، والقعنبي عند الجوهري (474)، والشّافعيّ في مسنده: 189، وفي السنن: 271، وابن وهب عند الطحاوي في شرح معاني الآثار: 4/ 38.