أبو حنيفة (¬1): هذا الحكمُ ثابث في كلِّ مَبِيعٍ ينقل ويحول.
وقال الشّافعيّ (¬2): هو ثابتٌ في كلِّ مَبِيعٍ.
ودليلُنا: قولُه -عليه السّلام-: "مَنِ ابتاَعَ طَعامَا فَلَا يَبِعهُ حَتَّى يَستَوفِيَهُ" (¬3) فخصّ الطّعامَ، فَدَل أنّ غيرَهُ مخالفٌ لَهُ، وهذا الاستدلال بِدَليلِ الخِطَابِ، وقد تقدَّم الكلام عليه في "أوَّلِ الكتاب (¬4).
الرّابعة (¬5):
وأمّا ما يختصُّ به هذا الحُكْم من وجوهِ الاستفادةِ؛ فإنَّ العقودَ على ضربينِ:
1 - معاوَضَةٌ.
2 - وغير معاوَضَة.
فالمعاوَضَةُ: البيعُ وما في معناه من الإجارة، والمُصَالحة، والمخَالعة، والمُكَاتَبة، والأرزاق، على وجهِ العِوَضِ، كأرزاق القُضاة والمؤذِّنين.
وقال أبو حنيفة: ما مُلِكَ بميراثٍ أو خُلعٍ (¬6) من طحام أو غيره، فإنّه يجوزُ بيعُهُ قبلَ قبضِهِ.
الخامسة (¬7):
وهو أنّ العقود تنقسمُ إلى ثلاثةٍ أقسامٍ:
1 - قسم يختصُّ بالمُغابَنَةِ، كالبيعِ والإِجارةِ، وما كان في حُكمِهِمَا.
2 - وقسم يَصِحُّ أنّ يكون على وجه* المغابنة، ويَصِحُّ أنّ يقعَ على وجه الرِّفْق، كالإقالة، والشَّرِكة، والتَّولِيَة.
¬__________
(¬1) انظر مختصر الطحاوي: 84.
(¬2) انظر الحاوي الكبير: 3/ 220.
(¬3) سبق تخريجه صفحة: 18 من هذا الجزء.
(¬4) في المنتقى: "وقد تقدّم الكلام فيه، ودليلنا من جهة القياس: أنّ هذا مبيع ليس بمطعوم فجاز بيعه
قبل قبضه كالدّنانير والدّراهم".
(¬5) هذه المسألة اقتبسها المؤلِّف من المنتقي: 4/ 280.
(¬6) في المنتقي: "بمهر أو خُلعٍ".
(¬7) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 4/ 280.