يأخُذَ كلّ يومٍ ابتداءً؛ لأنّ النّقد قد لا يحضُرُه، وصاحبُ النّخلِ واللّبنِ يحتاجٌ إلى النَّقدِ؛ لأنّ الّذي عنده عُروضٌ لا يَتصرَّفُ له. فلمّا اشتركا في الحاجةِ رُخَّص لهما في هذه المعاملةِ قياسًا على العَرَايَا.
التّاسعة (¬1):
وأمّا السَّلَمُ الثالثُ، وهو أنّ يكون السَّلَمُ مقدَّرًا، فهذا ممّا لا يَصِحُّ السَّلَمُ دونه؛ لأنّ السَّلَم فيه يتعلَّقُ بالذِّمَّة، وما يتعلّق بالذِّمَّة يستحيلُ أنّ يكونَ جُزافًا؛ لأنّه لا يتبيّنُ في الذِّمَّة من غيره إِلَّا بالتّقدير، وليس كذلك المشاهدةُ؛ لأنّه يتبيّنُ من غيره بالإشارة له والتّعين له (¬2).
العاشرة (¬3):
وهو أنّ يكون مؤجلًا، فإنّ الظّاهر من مذهبِ مالكٍ (¬4) أنّ السَّلَمَ لا يجوزُ إِلَّا في مُؤَجَّلٍ، وبه قال أبو حنيفةَ (¬5).
ورَوى ابنُ عبد الحَكَم (¬6) وابنُ وهب: يجوز إلى يومين، ورُوي ذلك عن مالك (¬7). وقال عبدُ الوهّاب (¬8): اختلفَ أصحابُنا في تخريج ذلك على المذهب، فمنهم من قال: إنَّ ذلك رواية في جواز السَّلَمِ الحالِّ، وبه قال الشّافعيّ (¬9)، ومنهم من قال: إنَّ الأَجَلَ شرطٌ في السَّلَم، وإنّما تختلف الرِّوايةُ في مقداره.
¬__________
(¬1) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 4/ 296.
(¬2) انظر المعونة: 2/ 987.
(¬3) الفقرة الأولى إلى قوله: "كعدم المعيّن" مقتبسة من المنتقى: 4/ 297، وانظر الفقرة الأخيرة في القبس: 2/ 834.
(¬4) انظر المعونة: 2/ 988.
(¬5) انظر كتاب الأصل: 5/ 2، ومختصر الطحاوي: 86، ومختصر اختلاف العلماء: 3/ 6.
(¬6) الّذي في الجامع لابن يونس: 112 "وقال ابن عبد الحكم في اليوم أنّه جائز".
(¬7) قال ابن الموّاز: رواه ابن وهب عن ملك، نصّ على ذلك ابن يونس في جامعه: 112.
(¬8) لم نجد قول عبد الوهّاب في الموجود من كتبه المطبوعة، وانظر نحوه في المعونة: 2/ 988.
(¬9) انظر الحاوي الكبير: 5/ 395.