قُلْتُ: يَا جبْريلُ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ أَكَلَةُ الرِّبَا، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآية: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} الآية (¬1) (¬2).
وفي "صحيح البخاريّ" (¬3) عن النَّبيِّ عليه السّلام قال: "رَأَيْتُ اللّيْلَةَ رَجُالٌ أَتَيَانِي، فأخْرَجَانِي إِلَى أَرْضِ مُقَدَّسَةٍ، فَانْطَلَقَا حَتَّى أَتَينَا عَلَى نَهْرٍ مِنْ دَمٍ، فِيهِ رِجَالٌ قَائِمُونَ في وَسَطِ النَّهْرِ، وَرَجُلٌ بَيْنَ يَدَيْهِ حِجَارَةٌ، فَأَقبَلَ الرّجَالُ الَّذينَ في النَّهْرِ، فَإِذَا أَرَادُوا أنّ يَخْرُجُوا رَمَى فِي فِيهِمْ بِحِجَارَةٍ فَرَجَعُوا كَمَا كَانُوا، فَقُلْتْ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ الّذِيْنَ رَأَيْتَ في النَّهْرِ: هُمْ أَكَلَةُ الرَّبَا".
وأمَّا السُّنّةُ، فمنها ما رواهُ ابن مسعود؛ أنَّ رسولَ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم - لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤكِلَهُ وشَاهِدَهُ وَكَاتِبَهُ (¬4)، قال: هُمْ سَوَاءً (¬5)، ومن ذلك تحريم التّفاضُلِ بين الذَّهَبِ والفِضَّةِ، على ما يأتي بيانُه إنَّ شاء الله.
وأمّا الإجماعُ، فمعلومٌ من دِينِ الأُمَّةِ ضرورةً أنّ الرِّبَا يحرمُ في الجملةِ، وإن اختلفوا في تفصيل مسائله، على ما نبُيَّنُه إنْ شاء الله.
واختلفَ العلّماءُ في لفظِ "الرِّبا" الوارد في القرآنِ، هل هو مِنَ الألفاظِ العامّةِ الّتي يُفْهَمُ المرادُ بها وتُحملُ على عمومِهَا حتّى يأتي ما يخصِّصُها؟ أو من الألفاظِ المُجْمَلَةِ الّتي لا يُفْهَمُ المرادُ منها من لَفْظِها وتَفْتَقِرُ في البيانِ إلى غيرها؟ على قولين، والّذي
¬__________
(¬1) البقرة: 275.
(¬2) أخرجه بنحوه ابن أبي شيبة (36574)، وأحمد: 2/ 353، 363، وابن ماجه (2273)، والحارث بن أبي أسامة كلما في زوائد الهيثمي (25)، قال البوصيري في مصباح الزجاجة: 3/ 34 "هذا إسناد ضعيف لضعف عليّ بن زيد" وقال الهيثمي في "المجمع: 4/ 117 "فيه عليّ بن زيد وفيه كلام، والغالب عليه الضّعف".
(¬3) الحديث (2085) عن سَمْرَةَ بنِ جُنْدُبٍ.
(¬4) أخرجه الطيالسي (343)، وأحمد: 1/ 393، 394, وأبو داود (3333 م)، وابن ماجه (2277)، والترمذي (1206) وقال: "حديث حسن صحح"، وأبو يعلى (4981)، وابن حبّان (5025).
(¬5) هذه الزيادة اخرجها مسلم (1598) من حديث جابر.