كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

بَابُ مَا يُجُوزُ مِنْ بَيْعِ الحَيَوَانِ بَغْضِهِ بِبَعْضِ والسَّلَفِ فيه
الفقه في مسائل:
الأُولى (¬1):
أمّا بيعُ الحيوان بعضُه ببعضٍ نَقدًا، فلا كلامَ فيه، ولا تفريعَ عليه.
وأمّا بَيْعُهُ بنَسِيئةٍ، فإنّه جائزٌ عندنا، وبه قال الشّافعيُّ (¬2).
وقال أبو حنيفةَ وجماعةُ الكوفيِّين (¬3): إنَّ الحيوانَ لا يَثبُتُ في الذِّمَّة؛ لأنّ الصِّفَة لا تَحصُرُهُ، وقد تقدّمتِ المسألةُ.
وَبَنى مَالِك أصلَه في الرَّدِّ عليهم بقول علىِّ -إمامُهُم والخليفةُ عليهم - وفِعلِهِ؛ إِذ باع جَمَلَهُ نَقدًا بِعِشرِين بَعيرًا إِلَى أَجَلً (¬4)، ومن الحديث الصّحيح ما خرّجه مسلم (¬5) وغيره (¬6)، عن أبي رافع، أنّه قال: "استَسلفَ النَّبِيُّ جملًا بَكرًا فقضى خِيَارًا رَبَاعِيًا" وغلطَ بعضُ النّاسِ من المتأخِّرين من علمائنا، فظنّ أنّ هذا الحديثَ في السَّلَفِ من باب المعروف، فلا يحتجُّ به في السَّلَم الّذي هو من باب المُغابنة، والمسألةُ واحدةٌ،
¬__________
(¬1) انظرها في القبس: 2/ 838 - 839.
(¬2) في الأم: 6/ 381 (ط. قيبة).
(¬3) انظر: مختصر الطحاوي: 86، ومختصر اختلاف العلماء: 3/ 40.
(¬4) يقصد عليّ بن أبي طالب، في الأثر الّذي أخرجه مالك في الموطَّأ (1901) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2602)، وسويد (248)، ومحمد بن الحسن (800)، وعبد الرزّاق في المصنّف (14142)، والشّافعيّ في المسند: 141، وابن بكير عند البيهقي: 6/ 22.
(¬5) الحديث (1600).
(¬6) كالإمام مالك في الموطَّأ (1986) رواية يحيى، والدرامي (2568)، والترمذي (1318) وغيرهم.

الصفحة 130