كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

يجوزُ بعضُه ببعض * مع الأجل، لمقاربة البيعة ولما يدخل ... ، ولا بأس ببيع بعضه ببعض* نقدًا متفاضلًا في ذلك كلِّه، إِلَّا ما ذكره أصحاب مالك في منع التّفاضل في الفُلوس، واختلفوا في تأوبل ذلك:
فمنهم من قال: منعُه على الكراهية.
ومنهم من قال: على التّحريم.
ووجهُ الكراهية: أنّ السَّبْكَ في النُّحاس لا يُخرجهُ عن أصله، كصِيَاغَتِهِ منه طُسُوسًا.
ووجهُ التّحريم: أنّ السَّبكَ، نوعٌ يختصُّ بالأثمان، فوجبَ أنّ يؤثِّر في تحريمِ التّفاضل، كجنسِ الذّهب والفِضَّة، ومن نسب إلى مالك في هذا القول المناقضة لم يتبيّن وَجْهَ الحُكم.
الثّالثة (¬1):
قوله (¬2):"وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا يَنتَفِعُ بِهِ النَّاسُ، وإن كَانَتِ الحَصبَاءَ وَالقَصَّةَ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بمِثلَيهِ إِلى أَجَلٍ، رِبًا" وقد قال ابنُ حبيب: إنَّ التّراب الأبيض والأسود صِنفان، وكذلك الجِيرُ والتّراب الأبيض، وكذلك الكَذَّانُ (¬3) بالرُّخام، والجَندَلُ بالحِجَارة وبالحَصبَاء، فهذا كلّه مُختلِف يجوز التّساوِي فيه والتّفاضل إلى أجلٍ.
وقال غيرُه: وما استوت منافِعُه كالجَندَلِ بالحجارة لم يَجُز ذلك فيه.
¬__________
(¬1) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 5/ 36.
(¬2) أي قول مالك في الموطَّأ (1934) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2638).
(¬3) الكَذَّان: حجارة فيها رخاوة، وربّما كانت نَخِرَة.

الصفحة 148