كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

الخامسة: في كره بيع المغنِّيات (¬1)
ذكر فيه التّرمذيّ (¬2) حديث أبي أُمَامَةَ عن النَّبيِّ -عليه السّلام- قال: "لَا تَبِيعُوا الْمُغَنِّيَاتِ، وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ، وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ، وَلَا خَيرَ في تِجَارَتِهِنَّ، وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ"، وفي مثل ذلك نَزَلَت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] الآية (¬3).
قال الإمام: وقد بيّنّا الآية في "كتاب الأحكام" (¬4).
وأمّا حديث عليّ بن يزيد، فضعيفٌ (¬5).
وأمّا بيعُ المغنِّياتِ، فينبني على أنّ الغناء حرامٌ أو حلال، وليس الغناءُ بحرامٍ، فإنَّ النّبيّ -عليه السّلام- سمعه في يته وبيت غبره، وقد وقف عليه في حياته، فإن زاد فيه أحدٌ على ما كان في عهد النّبيّ -عليه السّلام-، مثل غناء دفٍّ يضرب عليه نغمة بديعة، فقد دخل في قوله:" مِزمَارُ الشَّيطَانِ فِي بَيْتِ رَسُول اللهِ" (¬6) إنّما يكون ذلك مثل الطُّنبُور (¬7)
¬__________
= العوض عنها، وكذلك العسل واللّبن إذا نجسا جاز الانتفاع بهما ... وليس ذلك إِلَّا مبنىٌّ على احتلاف العلماء لتعارض الأدلّة عليه، فلا ينزل منزلة من قال: الدّليل قطعًا على إبعاده ووقع الرّدع والزّجر عنه وعظم الوعيد فيه كالخمر والخنزير".
(¬1) انظرها في العارضة: 5/ 281 - 282.
(¬2) في جامعه (1282)، (3195)، والحديث أخرجه أيضًا الحميدي (910)، وأحمد: 5/ 225، والطبراني في الكبير (7805).
(¬3) لقمان: 6.
(¬4) 3/ 1493 - 1494.
(¬5) قال الترمذي في جامعه معلِّقًا على الحديث المذكور: "حديث أبي أمامة [الّذي رواه عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة] غريبٌ، إنّما نعرفُه مثلَ هذا من هذا الوجه، وقد تكلّم بعضُ أهل العلم في عليّ بن يزيد وضعّفهُ، وهو شاميٌّ".
(¬6) أخرجه البخاريّ (952)، ومسلم (892) من حديث عائشة.
(¬7) هو آلة من آلات الطَّرب ذات عنق وأوتار، انظر كتاب الملاهي وأسمائها للمفضّل بن سلمة: 14.

الصفحة 170