الدَّرَجَةِ الثّانيةِ، ورواه زيدُ بنُ ثابتٍ في درجته الأُولى فقال: قال النَّبيُّ عليه السّلام: "لَا تبايعُوا الثِّمَارَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا" (¬1) وزادَ عنه عليه السّلام فبيَّنَ عِلَّةَ المَنْع فقال: "أَرَأَيْتَ إنْ مَنَعَ اللهُ الثّمَرَةَ فَبِمَ يَأخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ" (¬2) لكنّه عَقَّبَ عليها بما غيْر الدّليلَ وَأتعبَ في التّأويل، فقال: كَالمشُوْرَةِ لهم، فجعلَ ذلك زيدٌ في ظاهرِ الحديثِ رَأيًا عَرَضَهُ لا نَهْيًا حَرَّمَهُ، وسيأتي تحقيقُ ذلك في موضعه إنَّ شاء الله.
الرّابع: حديثُ ابنِ عمرَ وابن عبّاسٍ، قوله: "مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ" (¬3) زادَ ابنُ عبّاسٍ: "وَأَحْسَبُ كُلَّ شَيءٍ مِثْلَهُ" (¬4).
وكان بعضُ الأصوليِّينَ قد عَدَّ في جُملة الأربعة الأحاديث أَنَّ النَّبِىَّ "نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ" (¬5)، ومعنى هذا الحديث صحيحٌ، ليس في الصّحيحِ لفْظُهُ، لكن وَرَدَ في الصَّحيحِ طرفٌ من معناهُ، وهو أنَّ النَّبيِّ عليه السّلام "نَهَى عَنِ اللَّمْسِ والْمُنَابَذَةِ" (¬6).
وأمّا المعنى فإنّ مالكًا زَادَ في الأصولِ:
1 - مراعاة الشّبه، وهي الّتي يسمّونها الذّرائع (¬7).
2 - والثّاني (¬8): المصلحةُ، وهو كلُّ معنىً قامَ به قانونُ الشَّريعةِ، وحَصَلَتْ
¬__________
(¬1) أخرجه البخاريّ معلَّقًا في باب بيع الثمار قبل أنّ يبدو صلاحها (2193)، وأخرجه أحمد: 35/ 488، 516 (ط. هجر) وأبو داود (3372 م) موصولًا.
(¬2) أخرجه مالك في الموطَّأ (1808) رواية يحيى، من حديث أنس.
(¬3) أخرجه مالك في الموطَّأ (1863) رواية يحيى.
(¬4) أخرجه البخاريّ (2135)، ومسلم (29/ 1525).
(¬5) أخرجه مالك عن ابن المسيِّبِ في الموطّأ (1941) رواية يحيى.
(¬6) أخرجه البخاريّ (2146)، ومسلم (1511) من حديث أبي هريرة.
(¬7) وهو الأصل الخامس، كما صرح بذلك المؤلّف في القبس.
(¬8) وهو الأصل السّادس، كما صرح بذلك المؤلّف في القبس.