والرِّواية الأخرى: أنّها لا تنقطعُ، إِلَّا بأن يأتي عليها من الزّمان ما يُعْلَم أنَّه تاركٌ لَهَا، وقولُ أبي حنيفة إنّها على الفَورِ (¬1)، وهو أظهر أقاويل الشّافعيّ (¬2).
ودليلُنا: قولُه: " الشُّفعَةُ فِيمَا لَمْ يُقسمْ" (¬3) ولم يعلّقه بحدٍّ.
وعن مالك في ذلك روايتان:
إحداهُما: أنّها غير محدودة بمُدّة، وإنّما هي على مقدار الثّمن والمَثمُون والمُشتري والشّفيع.
والثّانية: أنّها مُقَدَّرة بعامٍ ونحوه.
ودليلنا: أنّه حقٌّ ثبت لدفع الضَّرَر، فلم يكن على الفَورِ، أصلُه القِصاص.
المسألة الثّامنة:
لا تستحق الشُّفعَة بالجِوار (¬4)، خلافًا لأبي حنيفة (¬5)، لقوله: " الشُّفعَةُ فِيمَا لَمْ يُقسم، فَإذَا وَقعَتِ الحُدُودُ فَلا شُفعَة" (¬6). وفيه ثلاثة أقوالٍ:
أحدُها: أنّه أخبر عن محلِّ الشُّفعَةِ، وهو أنّه ما لم يُقسَم، فانتفى بذلك وجوبها في غيره.
والثّاني: دليلُ الخطّاب، وهو أنّه لما عَلَّقها بغير المقسومِ، وجبَ أنّ يكون المقسومُ بخلافه.
والثّالث: نَصُّهُ على سقوطها مع القِسمَة.
¬__________
(¬1) انظر مختصر الطحاوي: 121.
(¬2) انظر الحاوي الكبير: 7/ 240 حيث ذكر الماوردي أنّ القول بالتراخي هو القول القديم للإمام الثّاني، وأمّا الجديد فهو القول بالفور.
(¬3) سبق تخريجه صفحة: 180 من هذا الجزء.
(¬4) انظر الموطَّأ: 2/ 257 رواية يحيى، والرسالة: 227، والتفريع: 2/ 299، والمعونة: 2/ 1267، والممهّد: 222/ ب.
(¬5) انظر مختصر اختلاف العلماء: 4/ 239.
(¬6) أخرجه مالك في الموطَّأ (2079) رواية يحيى.