المسألة الثّانية عشرة:
اختلف قولُ مالك في الحمام وغيره ممّا لا يُقسَم إِلَّا بإتلَاف ممّا هو عليه، فقال: فيه الشُّفعَة (¬1)، وقال: لا شُفعَةَ فيه، وكذلك الرَّحبَة والطّريق وغيرهما.
وعند أبي حنيفة أنّ فيه الشُّفعَة (¬2)، وعند الشّافعيّ: لا شُفعَةَ فيه (¬3).
ودليلُنا على أنّه لا شُفعَةَ فيه: أنّ كلَّ ما لا يُقسَم للضّرورة فلا شفعَةَ فيه.
ووجهُ إثبات الشُّفعَة: أنّها مستحقَّةَ لأجل الضَّرَرِ سِوَى الشَّركة فيها.
مسألة (¬4):
إذا باع شِقصًا بثَمَن إلى أجَلٍ (¬5)؛ قال الشّافعيُّ (¬6) وأبو حنيفةَ (¬7): الشّفِيعُ بالخِيَارِ، إنَّ شاءَ أخذَ بالثّمن، وإلّاَ ينتظِرُ الأجلَ، وهذا تَحَكُّمٌ وتغيِيرٌ للشُّفعَةِ، فإن حُكمَ الشُّفعَة أنّ يُنَزَّلَ الشَّفيعُ منزلةَ المشتري (¬8)، والحمد لله.
¬__________
(¬1) قاله في المدوّنة: 4/ 224 في الشُّفعَةِ في الحمام والعين والنّهر والبئر.
(¬2) انظر المبسوط: 14/ 132.
(¬3) انظر الحاوي الكبير: 7/ 272 - 274.
(¬4) انظرها في القبس: 2/ 860.
(¬5) قال مالك في الموطَّأ (2085) رواية يحيى: "إذا كان مَلِيًّا فله الشُّفعَةِ بذلك الثّمن إلى ذلك الأجل، وإن كان مخوفًا أنّ لا يؤدِّيَ الثّمن إلى ذلك الأجل، فهذا جاءهم بحميلٍ مَليَّ ثقةٍ مثل الّذي اشترى منه الشَّقص في الأرض المشتركة، فله ذلك" وانظر: المعونة: 2/ 1280، والممهّد: 238/ أ.
(¬6) انظر المجموع للنووي: 11/ 309.
(¬7) انظر مختصر اختلاف العلماء: 4/ 243.
(¬8) تتمّة العبارة كما في القبس: " فقَلبُ هذا لا يجوز، ونحن أسعد بالمسألة من القوم".