كتابُ كِراءِ الأرضين (¬1)
قال الإمام: أدخل مالك في "الموطَّأ" (¬2) حديث النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في النّهي عن كِرَاءِ المزارع مُجمَلًا غير مُفَسَّرٍ، وأدخله غيره (¬3) مفسَّرًا عن رافع فقال: نَهَى رَسُولُ الله - صلّى الله عليه وسلم - عَنْ كرَاءِ الأَرَضِين بِبعضِ ما يَخرُجُ مِنهَا، فَقَالَ حَنظَلَةُ: فَسَألتُهُ عَنْ كِرَائِهَا بِالذَّهَبِ والوَرِق، فَقَالَ: لَا بأس بِهِ. وروي عنه (¬4) أنّه نهى عن المُزَابَنَةِ والمُحَاقَلَةِ، والمُحَاقَلَهُ كِرَاءُ الأرض بالحِنطَة وشبهِهَا.
الإسناد (¬5):
قال الإمام أبو بكر بن العربي - رضي الله عنه -: مسألة كِرَاءِ الأرضِ مسألةٌ عويصةٌ، لها صُورٌ وغوائلُ، اختلف العلماء فيها من لَدُنِ الصَّحابة إلى زماننا هذا، واضطربت فيها الأحاديثُ اضطرابًا كثيرًا (¬6)، وباحثْتُ عنها قديمًا أثرًا ونظرًا، فما وجدتُ من أَتقنَها إِلَّا
¬__________
(¬1) نقل ابن الزهراء هذا الباب كاملًا في الممهّد: الورقة 85 - 87 [مخطوط الخزانة العامة: 16 ق].
(¬2) الحديث (2073) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2425)، وابن القاسم (162)، ومحمد بن الحسن (830)، وابن بكير عند الجوهري (336)، والشّافعيّ في مسنده: 751، ويحيى بن سعيد القطان عند أحمد: 4/ 140، ويحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم (1547)، وقتيبة بن سعيد عند أبي داود (3393م)، وابن أبي أويس، والتنيسي، والتنيسي عند الطبراني في الكبير (4329).
(¬3) كالإمام أحمد: 4/ 140، والنسائي في الكبرى (4644)، والبيهقي: 6/ 136.
(¬4) رواه مالك في الموطَّأ (1828) رواية يحيى.
(¬5) انظره في القبس: 3/ 863 - 864.
(¬6) نرى من المستحسن نقل فقرة لطيفة من الكتاب النادر الّذي توصّلنا إلى صحة نسبته إلى صاحبه، وهو تفسير الموطَّأ الإمام البوني، يقول رحمه الله في لوحة: 111/ ب "اختلف العلماء في كراء الأرض بما يخرج منها قديمًا وحديثًا، واحتجّ من أجاز ذلك باختلاف الرّوايات في ذلك،=