كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

ولو غرقت بعد الإبَّانِ، فقد قال مالك (¬1): إن زَرَعَ فجاءه بَرَدٌ فأذهَبه، فالكِراءُ عليه، وكذلك إنَّ أصابه جَرَادٌ أو جليد وغَرِقت في غير الإِبَّانِ فتلف الزّرع.
المسألة الخامسة (¬2):
فيمن زرعَ في أرض قوم بغير إذنهم، فخرّج التّرمذيّ (¬3) فيه حديث عطاءٍ عن رافع بن خَدِيجٍ، قال رسول الله: "مَنْ زَرَعَ في أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِم، فَلَيسَ لَهُ مِنَ الزَّرعِ شَيءٌ" وفي هذا الحديث كلام.
أمّا "الإسناد" فقال البخاريّ: شَرِيك يُتَّهم في الحديث كثيرًا (¬4)، وقال أبو عيسى (¬5): هو حديثٌ حَسَنٌ (¬6)، وأنكر أحمد بن حنبل على أبي إسحاق أنّ يكون زاد فيه: "بِغَيرِ إِذنِهِم" وقال: ولم يروه غيره (¬7).
واختلف علماءُ الأمصارِ في هذه النّازلة:
فمنهم من قال: الزَّرع للزّارع، وهم الأكثر.
وقال ابنُ حنبل (¬8): إذا كان الزّرعُ قائمًا فهو لربِّ الأرضِ، وإذا كان قد حُصِدَ فإنّما تكون له الأجرة، وذلك لحديث رَافِع؛ لأنّه متعدِّ على صاحب الأرض، ولأنّه شغل مال غيره.
¬__________
(¬1) في المصدر السابق: 3/ 460 - 461.
(¬2) انظرها في العارضة: 6/ 124.
(¬3) في جامعه (1366)، والحديث أخرجه أحمد: 3/ 465، وأبو داود (3403 م)، وابن ماجه (2466)، والطبراني في الكبير (4437) عن رافع بن خدِيج.
(¬4) انظر التاريخ الكبير: 4/ 237، والجرح والعديل: 4/ 365.
(¬5) في جامعه (1366).
(¬6) الّذي في الجامع: " هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث أبي إسحاق إِلَّا من هذا الوجه من حديث شريك بن عبد الله". وانظر علل التّرمذيّ الكبير (377).
(¬7) انظر الشرح الكبير لابن قدامة، والإنصاف للمرداوي: 15/ 134.
(¬8) علّق المؤلِّف في العارضة على قول الإمام أحمد بقوله: "وأمّا أحمد فما أنّ بمقالٍ يُحمَد، ولا له وجه يُقصَد".

الصفحة 198