كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

بادَرُوا إلى أيِّ بقرةٍ كانت لأَجْزَأَهُمْ، ولكنّهم شدَّدُوا فشدَّدَ اللهُ عليهِمْ، ولم يزَالُوا يساَلُونَ وتُوصَفُ حتّى نُعِتَتْ (¬1) لهم.
وأمّا السُّنَّة، فقد رُوِيَ في الأَثرِ -وهو حديث لا بَأسَ به- أنَّ النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: "لَعَنَ اللهُ الْمَرْأَةَ تَصِفُ الْمَرْأَة لِزَوْجِهَا حَتَّى كَأَنَّهُ ينْظُرُ إِلَيْهَا" (¬2).
وأمّا المُعَايَنَةُ، فقد أجمعَ العلّماءُ على إدراكِ المُعَيَّنَاتِ بالصِّفاتٍ، لمعرفةِ الخُدودِ، والقُدُودِ، والشُّعورِ، والأَطرافِ، ونحوِ ذلك (¬3).
وأمّا قولُه (¬4): "فَي ابْتَاعَ طَعَامًا فلَا يبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيهُ" فليس فيه تعليلٌ، وإنّما هو شرعٌ مَحْضٌ، واختلفَ العلّماءُ فيه على أربعة أقوال:
1 - فمنهُمْ مَنْ قال: إنّه جارٍ في كلِّ شيءٍ، وهو الشّافعىُّ (¬5)، وتعلَّقَ في ذلك بما رُوِيَ عن النَّبىِّ عليه السّلام أنَّه "نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ ورِبْحِ ما لم يُضْمَنْ " (¬6)، ورُوِيَ أنَّه لما وَلَّى عتَّابَ بن أَسِيْدٍ على مكَّةَ قال: "انْهَهُمْ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقبَضْ أَوْ ربح مَا لَمْ يُضْمَنْ" (¬7)، وهذان
¬__________
(¬1) رواه الطّبريّ في تفسيره: 1/ 339.
(¬2) لم نجده بهذا اللّفظ، وأخرج البخاريّ (5240) من حديث ابن مسعود أنَّه قال: "لا تُبَاشِرُ المرأةُ المرأةَ، فَتَنْعَتَهَا لزوجها كأنّه ينظرُ اليها".
(¬3) يذكر المؤلِّف في القبس: 782 أنّه سمع شيخ النّخْاسين ببغداد يقول: الّذي يحصر الصّفات معرفة الحدود والقدود ... الخ.
(¬4) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في الموطَّأ (1863) رواية يحيى.
(¬5) في الأم: 6/ 227 (ط. قتيبه).
(¬6) لم نجده بهذا اللفظ، وروى التّرمذيّ (1334) عن عبد الله بن عمرو؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال:"لا يحلُّ سَلَفٌ وبيعٌ، ولا شرطانِ في بيعٍ، ولا ربحُ ما لم يُضْمَنُ، ولا بيعُ ما ليس عندك" قال التّرمذيّ: "وهذا حديث حسن صحيح"، وانظر أحمد: 2/ 174، والدارمي (2563)، وأبو داود (3504 م)، وابن ماجه (2188).
(¬7) أخرجه الإمام الشّافعيّ في الأم: 6/ 228 - 229 (ط. قتيبة)، وابن قانع في معجم الصّحابة (792)، والطبراني في الأوسط (9007)، وابن عدي في الكامل: 2/ 270، والبيهقي: 5/ 313.
قال الهيثمي في "المجمع: 4/ 85، "رواه الطبراني في الأوسط، وفيه يحيى بن صالح الأيلي، قال الذهبي: رَوَى عنه يحيى بن بكير مناكير، قلت: ولم أجد لغير الذهبي فيه كلامًا، وبقية رجاله رجال الصّحيح".

الصفحة 20