كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 6)

كتابُ القِرَاض (¬1)
قال الإمام: الأحاديثُ في هذا البابِ قليلةٌ، وأصلها حديث أبي موسى (¬2).
التّرجمة والعربيّة:
قال أهل العربية: القِرَاضُ مأخوذٌ من القَرْضِ وهو القطعُ، فكأنّه قطَعَ للمُقَارِضِ جزءًا من مالِهِ، أو قَطَعَهُ كلَّه للعامِلِ.
وقيل: هو مأخوذ من المُساواة، يقالُ: قارضَ فلانٌ فلانًا، أي سَاوَاهُ، وفي حديث أبي الدّرداء: "قَارِضِ النَّاسَ ما قَارَضُوكَ، فَإِنَّكَ إنَّ تَرَكتَهُمْ لَمْ يَترُكُوكَ" (¬3).
وقيل: إنّه مأخوذٌ من الضَّربِ في الأرضِ.
وقيل: إنّه مأخوذٌ من ضَرَبَ معه في سَهْمِه، يعني في الرِّبْح.
وأهلُ العراقِ يسمّونَهُ مُضَارَبَةً، وأهلُ الحجازِ يسمّونَه قِرَاضًا، قاله أكثر العلماء (¬4).
الأصول (¬5):
قال علماؤنا: القِرَاضُ عَقْدٌ كان في الجاهليّة، وأقرَّهُ الإِسلامُ، وفَعَلَه النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قبل
¬__________
(¬1) نقل ابن الزهراء الباب الأوّل من هذا الكتاب في الممهّد: الورقة 124 - 125 [مخطوط الخزانة العامة: 16ق] وانظر كلام المؤلِّف في التّرجمة والعربية في القبس: 3/ 865.
(¬2) الّذي رواه مالك في الموطَّأ (2007) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (4229)، وابن بكير عند البيهقي: 6/ 110.
(¬3) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنَّفِهِ (34596)، ومن طريقه صاحب حلية الأولياء: 1/ 218، وأخرجه من طريق آخر بلفظ: "إنَّ ناقدت النَّاس ناقدوك .... " الخطيب في تاريخ بغداد: 7/ 198 ومن طريقه ابن الجوزي في العلّل المتناهية: 2/ 434 وقال: "والحديث لا يصحّ عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - وغَلَطَ من رَفَعَهُ، وإنّما هو من كلام أبي الدرداء".
(¬4) يقول الإمام المازَري في شرح المدوّنة: الورقة 204 "والقراضُ جائز بإجماع الأُمَّة، هكذا ذكر البغداديون والمغاربة في كتبهم ... إِلَّا أنّ الشّعبيّ انفرد بالطّعن في القراض".
(¬5) انظره في القبس: 3/ 865.

الصفحة 200