تعقُبَ فعله، فتعقَّبَهُ وردَّه إلى القِرَاضِ، والله أعلم.
مسألة (¬1):
فإن أراد (¬2) إحرازه في ذِمَّتِه (¬3) كالسَّفَاتِج (¬4) الّتي يستعملها أهل المشرق، فالمشهور من المذهب أنّ ذلك لا يجوزُ (¬5). وروى أبو الفَرَجِ (¬6) جواز السَّفَاتِج (¬7)، ولعلّه أراد ما لم يقصد المسلفُ منفعة نفسه. والأظهرُ منعُها إذا قصدَ ذلك.
وسواء كان المسلفُ صاحب المال، أو ممّن له النّظر فيه من إمامٍ أو قاضٍ أو وَصِيٍّ أو أبٍ, فلا يجوزُ للإمام أنّ يُسلفَ من مال المسلمين ليحرزه في ذمَّةِ المستسلف، وكذلك القاضي والوَصِيّ، وقد نصِّ على ذلك علماؤنا في مسألة القاضي.
فإن وقع، كما ذكرنا، فُسِخَ في الأجل والبلد، وأُجبِرَ (¬8) على تعجيل المال، وأُجبِرَ المُسلِفُ على قبضه، وبَطَلَ الأجلُ، كالبيع بأجلٍ على فسادٍ فإنّه يُعجَّل.
¬__________
(¬1) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 5/ 149 - 150.
(¬2) المزيد هو المسلف.
(¬3) أي في ذمة المتسلّف.
(¬4) السُّفتَجَةُ في الأصل كلمة فارسية مُعَرَّبة، وفي الاصطلاح الفقهي هي عبارة عن رقعة أو كتابُ أو صكَّ يكتبُه الشّخص لنائبه أو مَدِينِهِ في بلد آخر يُلزمه فيه بدفع مبلغ من المال لشخص أقرضه مثله. وقد سميت هذه المعاملة سفتجة [والتي معناها في الفارسية الشيء المحكم] لما فيها من إحكام الأمر وتوثيقه وتجنّب العناء والخطر. انظر معجم المصطلحات الاقتصادية في لغة الفقهاء: 190 مع هامش المراجع، والبحث الجيد لنزيه حماد حول السفتجة في كتابه دراسات في أصول المداينات: 187 - 197.
(¬5) لأنّها قرضٌ يجرُّ منفعة.
(¬6) هو الإمام عمرو بن عمرو الليثي البغدادي، الفقيه والأصولي المشهور، من كُتُبهِ الحاوي في الفقه، واللمع في أصول الفقه توفي سنة 330 أو 331. انظر الديباج المذهب: 215.
(¬7) ذكر البوني في تفسير الموطَّأ: 80/ أأنّ محمّد بن عبد الحكم كان يجيزه.
(¬8) المتسلِّف.