الحدّادِ (¬1)، وأبي مالك الفقيه (¬2)، فإنّه يجوزُ عند علمائنا، ويكونُ بمنزلة أنّ يُعَيَّنَ له سِلَعًا كثيرةَ الوجودِ نَافِقَةَ في البيعِ والابتياع، ولذلك قال علماؤنا: إنّه متى كان في المال خَسَارةٌ -ولو ذهبَ جميعُه- لم يكن على العامل شيءٌ، فإذا كانتِ الخسارةُ بزيادةٍ على رأس المال، لزِمَت العاملَ ولم يَكُن لربِّ المال منها شيءٌ.
بَابُ التَّعدِّي في القِرَاضِ (¬3)
قال الإمام: هذا البابُ من مسائل الغَصْبِ، وغيرُ ذلك من مسائله كثيرةٌ، ومُفسِدَاتُه طويلةٌ، وهي مذكورةٌ في "كتب المسائل" فَلتُنْظَر هنالك.
فإن فسَدَ القِرَاضُ، فاختلفَ العلّماءُ فيه على خمسة أقوالٍ:
الأوّل: أنّ فيه قِرَاضَ المِثل (¬4).
الثّاني: أُجرَةُ المِثلِ (¬5)، وبه قال عامّةُ الفقهاء.
الثالثُ: رُوِيَ عن ابن القاسم أنّه قال: إنَّ كان الفسادُ في العَقدِ، رُدَّ لِقِرَاض مِثلِهِ، وإن كان لزيادةٍ، رُدَّ إلى الأُجرَةِ (5).
¬__________
(¬1) لعلّه أحد التجار الكبار في عهد المصنَّف، ولا يمكن أنّ يكون هو أحمد بن داود أبو سعيد الحداد الواسطي نزيل بغداد المتوفّى سنة 221 تلميذ الإمام أحمد والمترجم في تاريخ بغداد: 4/ 139، فإنّه لم يعرف أنّه كان غنيًا أو تاجرًا.
(¬2) لم نقف عليه، ويمكن أنّ يكون أحد كبار التجار في عصر المؤلِّف، وورد في الممهّد باسم: "ابن مالك".
(¬3) انظره في القبس: 3/ 867 - 868، وقد نقله ابن الزهراء في الممهّد الكبير: الورقة136 [مخطوط الخزانة العامة: 16 ق].
(¬4) وهي رواية عن مالك، نصّ عليها ابن الجلّاب في التفريع: 2/ 196 - 197.
(¬5) هي رواية عن مالك، صاحب المصدر السابق، والقاضي عبد الوهّاب في المعونة: 2/ 1128.
والفرقُ بين قِراض المِثل وأجرة المِثل؛ أنّ قِراض المِثل متعلِّق بالرِّبح، فإن لم يكن في المال رِبحٌ فلا شيءٍ للعامل. وأجرة المثل متعلّقة بذمّة رَبِّ المال، كان في المال ربحٌ أو لم يكن.